تكررت حوادث القتل والاعتداءات المؤسفة بحق مبتعثين ومواطنين خليجيين في أميركا، ولا نجد تفسيراً لما يحدث من عنف تجاه أبنائنا من فترة إلى أخرى، سوى أن عقلية رعاة البقر «الكاوبوي» ما تزال تتحكم بسلوك وأداء بعض رجال الشرطة في الولايات المتحدة الأميركية، ولا نعرف لماذا تتعمد السلطات الأميركية تجاهل وجود عناصر في أجهزتها الأمنية لا يجيدون التعامل مع الآخرين وفقاً للأعراف المتبعة، إذ ثبت من وقائع متكررة أن الشرطة الأميركية لا تتعامل بشكل احترافي لائق مع رجل الشارع، سواء أكان أجنبياً مقيماً طالباً مقيماً أم حتى أميركياً من ذوي البشرة السمراء. قبل أيام سقط الطالب الإماراتي سيف العامري (26 عاماً) قتيلاً في منطقة هدسون بولاية أوهايو، عندما أصيب برصاصة في الرأس، أطلقها عليه بشكل مباشر ضابط شرطة أميركي! وكان الطالب الضحية في منحة لدراسة الماجستير في القانون بجامعة «كيس ويسترن ريزيرف»، ومهما كانت مبررات ملاحقة الشرطة له، فذلك لا يبرر توجيه طلقة متعمدة إلى رأسه، مما يعني أن هدف الشرطي المتنمر الذي لاحقه كان القتل وليس إعاقة الضحية وتوقيفه، ولو كان الغرض توقيفه لاتبع الشرطي وسائل عديدة غير القتل المباشر. إثر هذا الحادث المؤلم، بذل المسؤولون في وزارة الخارجية والتعاون الدولي جهوداً مشكورة بالتنسيق مع سفارة الدولة في واشنطن، ويثق المواطنون الإماراتيون بجهود الدولة في متابعة هذه القضية. حادثة قتل الطالب الإماراتي أشعلت وسائل التواصل الاجتماعي في الإمارات، وأثارت الكثير من الاستياء، خاصة أنها لم تكن الحادثة الأولى، من جملة الحوادث التي يتعرض لها مواطنو الإمارات في أميركا من وقت إلى آخر. ففي منتصف العام الجاري اضطرت وزارة الخارجية والتعاون الدولي لاستدعاء نائب السفيرة الأميركية لدى الدولة بشأن قضية شريط مرئي كشف عن تعامل تعسفي لشرطة أوهايو أيضاً مع مواطن إماراتي. وعبرت الإمارات في حينه عن الاستياء من المعاملة التعسفية لشرطة أوهايو مع المواطن أحمد المنهالي واعتقاله وتفتيشه دون حق. وفي بيان رسمي عن تلك الواقعة أصدرته سفارة الإمارات في واشنطن، عبّر سفير الدولة عن خيبة الأمل والقلق العميقين بشأن المعاملة السيئة التي تلقاها أحمد المنهالي. وانتقد البيان تصرف شرطة أوهايو بطريقة غير ملائمة، واستخدامها القوة المفرطة على نحو لا مبرر له. وكان سفير الدولة قد أكد آنذاك تلقيه التزاماً بضمان عدم تكرار هذا النوع من الحوادث مع المواطنين الإماراتيين، لكن حادثة مقتل الطالب العامري تعيد فتح ملف التعامل السيئ من قبل الشرطة الأميركية وعدم التزامها بمنع تكرار مثل هذه الحوادث المؤسفة، فهل أصبحت الشرطة في شوارع أميركا تشكل خطراً على أمن الذاهبين للدراسة في أميركا بدلاً من الثقة بوظيفتها المفترضة المعنية بتوفير الحماية؟ وبناءً على حوادث عديدة، بما فيها جرائم قتل عنصرية طالت أميركيين سود وأدت إلى اندلاع احتجاجات متكررة، يمكن القول إن شرطة بلاد العم سام، تحولت من مؤسسة لنشر الأمن والسلام، إلى عامل لنشر القلق وشيوع القتل بمسدسات رجال الشرطة، الذين يفتقرون للشعور بمسؤولية رجل الأمن، في بلد يشتهر بالتعدد العرقي لسكانه، مما يفتح الباب لقلق كبير حال استمرار رجال الشرطة في التعامل مع الناس بعقلية «الكاوبوي» في أفلام الغرب الأميركي! أصبح لدى الشرطة الأميركية سوابق عديدة، ومن المستحيل مقارنتها بالشرطة في دول أوروبا من حيث أسلوب التعامل مع البشر، بمن فيهم المشتبه بهم، وحتى المدانين الذين يثبت ارتكابهم جرائم، بعكس الشرطة الأميركية التي تمنح أفرادها حق القتل بدم بارد، ودون التثبت من الضحية أو محاولة توقيفه، كما حدث مع الطالب المغدور سيف العامري رحمه الله.