ربما كان قرار هيلاري كلينتون، بالانضمام لـ«جيل شتاين» مرشح «الحزب الأخضر»، في جهوده الرامية لإعادة فرز الأصوات في الولايات الرئيسية، خبراً مرحباً به بالنسبة لـ«الديمقراطيين»، ولكنه لن يؤدي على الأرجح، لتغيير نتيجة الانتخابات الرئاسية، كما لن يغير هذه النتيجة أيضاً الشكوى من عدم نزاهة المجمع الانتخابي، أو استجداء الناخبين «الجمهوريين» للتصويت لهيلاري كلينتون. وأفضل فرصة لنجاح «الديمقراطيين» في الحيلولة بين دونالد ترامب وبين تولي منصب الرئيس هي عمل الشيء الذي لا يمكن تصوره: وهو أن يلقوا بثقلهم وراء دعم مرشح «جمهوري» آخر مثل ميت رومني، حاكم ولاية ماساتشوستس السابق، والمرشح «الجمهوري» للرئاسة في انتخابات عام 2012. كما قال «ألكسندر هاميلتون» أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة، فإن المجمع الانتخابي يوفر حاجزاً مانعاً في حالة ما إذا قام الناخبون باختيار مرشح غير ملائم بشكل خطير، حيث يقول عن ذلك: «عملية الانتخابات، توفر يقيناً معنوياً، مؤداه أن منصب الرئيس لن يكون أبداً من نصيب أي رجل ما لم يكن مثل هذا الرجل متمتعاً، وعلى نحو واضح بكل المؤهلات المطلوبة». حسب الوضع الراهن، يحتاج أي مرشح كي يصبح رئيساً للحصول على أغلبية ضئيلة، لا تقل عن 270 صوتاً، عندما يجتمع المجمع الانتخابي في 19 ديسمبر الجاري. في انتخابات عام 2012 الرئاسية، كسب رومني حصة أكبر من التصويت الشعبي(47.2 في المئة)، وهي حصة تفوق ما حصل عليه ترامب في العام الحالي (46.2 في المئة)، وهناك 35 صوتاً جمهورياً من الولايات التي كسب فيها رومني عدداً من الأصوات يفوق ذلك الذي حصل عليه ترامب(ألاسكا، إيداهو، كانساس، ميسيسيبي، أوتاه، ويسكونسين)، وعلى الأقل 120 صوتاً آخر، في ولايات كسب فيها رومني نصيباً أكبر من الأصوات، وهو ما يزيد على نصف عدد الناخبين «الجمهوريين». وفي يوم الانتخابات تعهد 306 ناخبين في المجمع الانتخابي بمنح أصواتهم لترامب، في حين تعهد 232 لهيلاري. وكانت هناك مناشدة على موقع Change.org ترجوا الناخبين الجمهوريين التصويت لهيلاري. كما سمعت مجموعة تطلق على نفسها «ناخبو هاميلتون» لإقناع 37 ناخباً «جمهورياً» على الأقل، للتصويت لمرشح «جمهوري» آخر غير ترامب، وهو ما يجعل عدد الأصوات المتبقية لترامب 269 صوتاً فقط. وإذا لم يتمكن أي مرشح من المرشحين الاثنين من تأمين 270 صوتاً على الأقل، فإن مجلس النواب سيختار الرئيس التالي من بين الثلاثة الأوائل الحاصلين على أكبر أصوات في المجمع الانتخابي. وأي من الاستراتيجيتين لن تجدي نفعاً، وستكون بمثابة جهد ضائع. فمهما كانت تحفظات الناخبين «الجمهوريين» على ترامب، فمن غير المرجح أن تؤدي التوسلات الفارغة من جانب «الديمقراطيين» للتأثير عليهم. وحتى لو قام 37 ناخباً «جمهورياً» بالتصويت لمرشح «جمهوري» آخر، فإن الاحتمال الأكبر هو أن يقوم مجلس النواب الذي يسيطر عليه «الجمهوريون» بانتخاب ترامب على الرغم من ذلك. وإذا ما كان الديمقراطيون، يعتقدون أن ترامب يشكل أكبر تهديد شهدته الولايات المتحدة حتى الآن، ولكنهم لم يقوموا مع ذلك بدعم جمهوري آخر في المجمع الانتخابي، فإن ذللك سيدل على أنهم ينظرون إلى ترامب على أنه لا يختلف عن غيره من المرشحين الجمهوريين الآخرين. وإذا ما عامل الديمقراطيون ترامب على أنه رجل طبيعي، فإنهم سوف يصبحون في هذا الحالة متواطئين في تطبيع سلوكه، أي في إضفاء صفة الطبيعية عليه. الوحيدون الذين سيصبحون مسؤولين عن وصول ترامب للرئاسة هم هؤلاء الذين صوتوا من أجله، وكذلك حملة هيلاري التي ساعدت على ارتفاع مكانة ترامب خلال الانتخابات التمهيدية. ولكن إذا ما كان «الديمقراطيون» يؤمنون حقاً بما يقولونه عن ترامب، فإنهم يجب أن يفضلوا «جمهورياً» آخر، لا يهدد بتطبيع ما ستكون عليه رئاسة ترامب. مايكل إف. كانون* *باحث مقيم بمعهد كاتو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»