جيدٌ أن آل جور التقى مع دونالد ترامب يوم الاثنين. وجيد أن إيفانكا ترامب دعت آل جور للحضور من أجل الحديث حول تغير المناخ. وجيد أن الرئيس المنتخب استجاب وقبِل اللقاء. غير أن اجتماعاً وحيداً ويتيماً لا يصنع سياسة بيئية، ولذا يحق لنا أن نكون متشككين. ولاشك أن الدليل الذي سيقطع الشك باليقين لن يأتي إلا من التعيينين اللذين سيتخذهما ترامب لحقيبتي البيئة والطاقة المهمتين، ومن التوجيهات التي سيضعها لمن سيعينه فيهما - سواء من أجل المضي قدماً في تأكيد الزعامة الأميركية بشأن التخفيف من تغير المناخ وإدخال معايير الطاقة النظيفة والكفاءة الطاقية، أو التخلي عن ذلك الدور، مثلما ألمح ترامب سابقاً إلى أنه قد يفعل، ومحاولة إعادة إحياء قطاع الفحم الأميركي وإطلاق مزيد من عمليات الحفر والتنقيب عن الوقود الأحفوري من البحر إلى البحر. ومن الواضح أن لإيفانكا تأثيراً على تفكير والدها، كما أن حقيقة أنها سعت لترتيب اجتماع مع آل جور، الذي يجهد من أجل تنبيه العالم لمخاطر تغير المناخ أكثر من أي شخص آخر على هذه البسيطة، وحقيقة أن آل جور وصف الاجتماع بأنه كان «بحثاً صادقاً عن أرضية تفاهم مشتركة… وللحديث بقية» تمثل بارقة أمل. وعندما حل ترامب ضيفاً على «نيويورك تايمز» في مقرها مؤخراً، اتضح لي جيداً أن قلة قليلة من الناس فقط كانت تعتقد أنه سيفوز في الانتخابات، ولهذا فإن الأشخاص الذين كانوا محيطين به خلال العام ونصف العام الماضيين لم يكونوا بالضرورة من أفضل وألمع من أنجبتهم أميركا. ذلك أن الحملات الانتخابية المتطرفة ذات الاحتمالات الضئيلة في النجاح كثيراً ما تجتذب مجموعة متنوعة من الانتهازيين والمؤمنين بنظريات المؤامرة - وحملة ترامب الانتخابية كانت تضم العديد من هذه الأصناف. وبالنسبة لرجل يبدو أنه يتعلم ويتأثر في الغالب من دائرة أصدقائه، أو من البرامج الإخبارية التلفزيونية، فإن مثل هذا الفريق غير المتوازن جعل الكثير من غرائزه السيئة أكثر سوءاً. وبعض هؤلاء كانوا من قطاعي الفحم والنفط، وكانوا يرون في ترامب آخر فرصة لهم للقضاء على ثورة الطاقة المتجددة في وقت كان فيه العديد من الجمهوريين الآخرين يغيّرون مواقفهم القديمة. ولا يسع المرء هنا إلا الأمل في أن تقول إيفانكا لوالدها إنه لا شيء يمكن أن يحمل منتقديه -في أميركا وخارجها- على إعادة النظر في رأيهم فيه أكثر من تعيينه لعالمين مشهود لهما بالجدية في المنصبين البيئيين المهمين. وأعتقد أن ترامب نفسه اكتشف خلال الحملة الانتخابية أن أغلبية كبيرة من الأميركيين، خارج مناطق مناجم الفحم في الولايات المتحدة، لا تدرك فقط أن تغير المناخ الذي يتسبب فيه البشر حقيقي، ولكن أيضاً أنه عندما لا يستطيع سكان بكين ونيودلهي التنفس، فإن أنظمة الطاقة النظيفة ستصبح هي الصناعة العالمية العظيمة المقبلة، ولاسيما أن هذين البلدين يمثلان سوقاً ضخماً للصادرات الصناعية. والواقع أنه سيكون من الجنون حقاً أن تتخلى أميركا عن زعامتها في هذا المجال من خلال إدارة ظهرها لإحراق الفحم الملوِّث في وقت بدأت تتفوق فيه طاقة الرياح والشمس على الوقود الأحفوري من حيث الأسعار، حتى من دون دعم حكومي. إنني لا أتوقع أن يتخلى ترامب عن جهوده بخصوص زيادة التنقيب عن النفط أو حظر الفحم، ولكنني أشيد بآل جور لأنه يحاول العمل معه حول هذا الموضوع، ولأنه إذا تبنى ترامب علم تغير المناخ، فإن ذلك سيعني «نهاية اللعبة» بالنسبة لمن تبقى من منكري تغير المناخ المتصلّبين داخل حزبه. كما أن ذلك ربما يمثل أيضاً الإمكانية الأفضل والوحيدة لديه في زمن السلم لتوحيد الأميركيين. هل هذه مجرد أضغاث أحلام؟ ربما. إلا أنه من المفيد هنا أن نتذكر كيف تطورت آراء ومواقف آخر إدارة جمهورية حول هذا الموضوع، حيث انتقل المستثمرُ النفطي بولاية تكساس جورج دبليو. بوش من إحداث صدمة للعالم من خلال إعلانه عن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية «كيوتو» للمناخ إلى تبني «طاقة الرياح والشمس» ودعوة الأميركيين إلى «معالجة التحدي الجدي المتمثل في تغير المناخ» في خطابه حول «حالة الاتحاد» في 2007. وبوش بادر أيضاً بتعيين خبراء في القانون البيئي ووجّههم نحو تشجيع الطاقة النظيفة من خلال تشريعات وقوانين ما زالت تشكّل أساس كثير من السياسات اليوم. كما انتقد حقيقة أن أميركا «مدمنة على النفط» ونظم في نهاية المطاف مؤتمراً لـ«الملوثين الكبار» ساهم في تعبيد الطريق لاتفاقية باريس للمناخ. وخلاصة القول إنه طالما أن ترامب يبدي انفتاحاً واستعداداً للتعلم بخصوص البيئة والمناخ، فعلينا أن ندفع بأفضل وألمع الأشخاص عبر أبواب برج ترامب للانخراط معه في نقاش بناء. وكلما كان هؤلاء الأشخاص كثراً، كان ذلك أحسن. وشخصياً، أتطلع إلى مفاجأة سارة منه وإلى دعم أي تحول نحو الأفضل. غير أنه حالما يغلق بابه في وجه التعلم والتطور، فعلينا أن نستعد للأسوأ. ------------------ * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»