عند نشر هذا المقال سيكون البيان الختامي للقمة السابعة والثلاثين لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، والمنعقدة في البحرين، قد نُشر وعرف مواطنو دول المجلس حيثياته ومواضيعه. لكن هواجس أبناء المنطقة تظل معروفة، وما يشغل بالهم يشغل بال القادة أيضاً. وبالطبع، فإن الموضوع الأمني يتصدر أجندة طاولة القمة، لأنه لا تنمية ولا استقرار دون مناخ أمني يدعم جهود الدول في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ومع التقدير لما تحقق في هذا المجال، وهو أهم مجالات التعاون المشترك، فإن الأخطار المُحيطة بالمنطقة تتطلب المزيد من التلاقي حول نقاط الاتفاق في المسألة الأمنية، والتي تُلقي بظلالها أيضاً على موضوع التنسيق العسكري. ولا شك أن جولة خادم الحرمين الشريفين في المنطقة لها أهميتها، لكونها جاءت قبيل القمة، وقد فسّرها البعض كمؤشر آخر على دعم التفاهم العربي، وبلورة مواقف تضامنية بين الدول العربية. ويرتبط بالموضوع الأمني، الوضعُ المتدهور في اليمن، جرّاء انقلاب الحوثيين و«صالح»، وما آلت إليه الأمور بعد حوالي عامين من «عاصفة الحزم». لذلك يتساءل المواطن الخليجي: إلى أين ستؤول الأمور؟ ولماذا التأخير في حسم المعركة؟ في البداية توقع مواطنو دول المجلس حسماً عسكرياً سريعاً، خلال أسبوعين أو ثلاثة، ومن ثم إزالة آثار الانقلاب الحوثي.. لكن الأمور جرت في اتجاهات أخرى، وتداخلت أيادٍ عدة في المسألة اليمنية، كما أن محادثات الكويت والرياض ومساعي المبعوث الأممي لم تثمر حتى الساعة عن شيء ملموس، وهذا مؤشر -حسب المتشائمين- على أن حرب اليمن قد تتواصل لسنوات! ونأمل أن يكونوا مخطئين في هذا التوقع المتشائم! في تصريح حديث للدكتور عبداللطيف الزياني حول مسألة اليمن، أكد «دعم الجهود الدولية في هذا الصدد»، والواقع أن المواطن الخليجي يتنظر سماع شيء آخر في هذا الموضوع. وقد أكد الزياني أنه أمام «ما تشهده المنطقة من أحداث وتطورات متسارعة، فإن دول مجلس التعاون تدرك تماماً أن أمنها واستقرارها يتطلب مزيداً من التنسيق والتشاور والتكامل فيما بينها». ومعنى هذا أنه بعد سبعة وثلاثين عاماً، لم يتحقق التنسيق والتشاور والتكامل بعد! بعد قضية الأمن يأتي الموقف من إيران، وهو موضوع مهم، ومحل اهتمام قادة دول التعاون في قمة البحرين! وجديد هذا الموضوع، موقف الإدارة الأميركية الجديدة من طهران. فهل ستختلف الموازين بعد مجيء ترامب إلى البيت الأبيض؟ وهل سيكون للجمهوريين موقف مخالف لموقف الديمقراطيين، الذين قرّبهم الرئيس أوباما من إيران، وخفف عن الأخيرة بعض العقوبات التي كانت توهن اقتصادها؟ بغض النظر عن التفاوت في العلاقة بين بعض دول التعاون وإيران، فواقع الحال يؤكد أهمية رسم موقف واضح وصريح للتعامل مع تجليات الحالة الإيرانية، والوجود الإيراني في كل من العراق ولبنان واليمن وسوريا.. وغيرها. وهذا يحتّم أن يكون الموقف الخليجي واحداً وواضحاً في التعامل مع هذه القضية. أما الملف النووي الإيراني الذي يتوقع أن يُفرد له بيان قمة التعاون، فقرة خاصة، فتحكمه المواقف الدولية. وفيما يخص قضية احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى)، فالموقف الخليجي معروف، وهو موقف ثابت ورافض لاستمرار احتلال الجزر، وداعم لحق سيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث، ويَعتبر أية ممارسات أو قرارات أو أعمال تقوم بها إيران على الجزر الثلاث باطلة ولاغية، كما يدعوها للاستجابة لمساعي الإمارات لحل القضية عبر المفاوضات المباشرة أو التحكيم الدولي. ولا شك أن ظروف المنطقة تتطلب تجاوباً إيرانياً مع الدعوات الإماراتية المتكررة لحل هذه المسألة، والتي تسهم في زيادة التوتر القائم في المنطقة. وهنالك ملفات أخرى، مثل الأوضاع في العراق، وسوريا، وليبيا.. حيث يتوقع أن يتضمن البيان الختامي لقمة المنامة تمنيات بعودة السلام في هذه الدول ووحدة أراضيها. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، عاهل المملكة العربية السعودية، قد قدّم لقمةِ الرياض (2015) رؤية بشأن تعزيز التكامل والتعاون بين دول المجلس، فهل سيُعاد طرح هذا الموضوع مجدداً، وهل سيتضمن مسألة «الاتحاد الخليجي»؟