بعد يوم التنصيب الرئاسي مباشرة، يتأهب «الجمهوريون» لاستغلال هيمنتهم في واشنطن من أجل سنّ أكثر التعديلات الجذرية لقوانين الإنفاق والضرائب في نصف قرن. وعقب انعقاد الكونجرس الجديد الشهر المقبل، يخططون لإلغاء بعض أجزاء قانون «أوباماكير»، لإسعاد قواعد جناح اليمين. والعنصر المهم، ألا وهو البديل، سيأتي لاحقاً. وبعد ستة أعوام ونصف منذ إقرار «قانون الرعاية التي يمكن تحملها»، لا يزال «الجمهوريون» دون إجماع على بديل! وإذا حصل «الجمهوريون» على إلغاء جزئي، فإنهم قد يحاولون الاتفاق فيما بينهم على بديل لـ«أوباماكير» بحلول الربيع، وسيكون ذلك جزءاً من قانون ضخم قد يشمل تخفيضات ضريبية، وخفض هائل في برامج الإنفاق المحلية، بما في ذلك تعليق معظم مبادرات المساعدات المهمة لأصحاب الدخول المنخفضة التي تقدم للولايات، ومن ثم وقفها في نهاية المطاف. ويود رئيس مجلس النواب «بول ريان» وكثير من «الجمهوريين المحافظين» أيضاً إجراء خصخصة جزئية لبرنامج «ميديكير» الذي يوفر الرعاية الصحية لكبار السن، وهو ما يمكن أن يسفر عن وفورات ضخمة في الموازنة على المدى الطويل، وأفضل رهان الآن هو أن يعرقل ترامب، الذي تعهد أثناء الحملة الانتخابية بعدم إجراءات أية تخفيضات في برنامج «ميديكير»، وأن يتغاضى «الجمهوريون» عن الأمر. ويقول «روبرت جرينشتيان» رئيس المركز «الليبرالي لأبحاث الموازنة والأولويات السياسية»: «إن هذه الخطط بشكل عام تمثل أكبر تهديد على شبكة الأمان الاجتماعي منذ إنشائها». وسيجري الإلغاء المبدئي من خلال إجراء خاص يتعلق بالموازنة يعرف باسم «التسوية»، ومن شأنه إلغاء التفويضات في «أوباماكير»، بينما يحتفظ لفترة بالبنود الأكثر شعبية. ولو تم اتباع الإجراءات «الجمهورية» السابقة، فسيتم إلغاء الزيادات الضريبية الضئيلة في «أوباماكير» على أصحاب الدخول المرتفعة، بينما يقلص تعويضات مزودي الخدمات التي تحصل عليها المستشفيات، مع وعد بتقديم البديل لاحقاً. ومن المتوقع أن يرفع «الديموقراطيون» قريباً شعار «لا إلغاء من دون بديل». وربما يمثل ذلك ضغطاً سياسياً على الخطط «الجمهورية»، لا سيما أن حالة انعدام اليقين التي سببتها الوعود الغامضة وصعبة التحقيق يمكن أن تحدث دماراً. لكن إذا حققت الخطة نجاحاً، فإن الأمور ستصبح مثيرة للاهتمام بدرجة أكبر، إذ سيسعى «الجمهوريون» إلى «تسوية» ثانية، وفق القواعد ذاتها. وبالطبع سيحاول «الجمهوريون» صياغة برنامج بديل لـ«أوباماكير» من شأنه أن يزيل ملايين الأشخاص من كشوف المؤمن عليه، مع تأجيل تواريخ السريان. وقد استغرق الأمر أربعة أعوام لوصول كشوف «أوباماكير» إلى وضعها الحالي، وحتى الآن لم يضع المنتقدون أساساً لبرنامج بديل، ناهيك عن التفاصيل السياسية المهمة. وبالطبع، سيتعين وضع بعض البنود البديلة وفق السياق الطبيعي للعمل، متطلباً «أصواتاً ديموقراطية». لكن مثلما هو متصور في الوقت الراهن، فإن ذلك ليس سوى جزء من «التسوية الثانية»: وقد ينطوي الأمر على تخفيضات كبرى في الضرائب والإنفاق. والتحدي الأبرز في ظل هذه الإجراءات البرلمانية، هو أن فعل ذلك قد يزيد العجز في على مدار عشر سنوات، بسبب التخفيضات الضريبية التي قد تتراوح بين 3 و4 تريليونات دولار. وفي هذه الأثناء، كان ترامب قد تعهد في السابق بزيادة التمويل لبرامج مثل حماية الحدود والمحاربين القدامى، وسيتطلب ذلك مزيداً من التخفيضات الهائلة في برامج أخرى. ولا شك أن وفق الحسابات السياسية، سيبدو من السيئ خفض الضرائب بشكل كبير على نحو يصب في مصلحة الأثرياء وتمويل هذا الخفض بتقليص الإنفاق على الفقراء. ولا تكاد تكون هذه الأجندة الشعبوية التي وضعها المرشح ترامب.. ممنوع المساس بـ«ميديكير»، والتركيز على مساعدة العمال المكافحين، وتجفيف مستنقع المصالح الخاصة. ألبرت هانت محلل سياسي أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»