لعل من بين أبرز النتائج المحتملة لإدارة دونالد ترامب، أنه من المرجح أن يعيد تعريف العلاقة بين الصحافة والرئاسة الأميركية. وبتغريدة تلو أخرى على موقع التواصل الاجتماعي للتدوينات القصيرة «تويتر»، عزز المرشح، ومن ثم الرئيس المنتخب ترامب، تواصله المباشر مع الناخبين الأميركيين. وبالطبع هو أستاذ في وصف وسائل الإعلام بالفساد، والسخرية منها بأنها فاشلة وغير دقيقة. وبالنسبة لترامب، يعتبر المراسلون الصحافيون وسيلة دعم ومساندة. وليس من قبيل المصادفة، ازدراء المراسلين في تجمعاته الانتخابية. وبالنسبة للمنظمات الإعلامية المعروفة، تمثل هذه المعاملة تهديداً وفرصة في آن واحد، لا سيما أنها تخضع لضغوط تجارية هائلة، إذ تحصد مواقع مثل «فيسبوك» و«جوجل» دولارات الإعلانات بدلاً من الصحافة التقليدية. وترامب موضوع مهم وضخم، إذ يجذب فيضانات من المشاهدين والمتابعين. ومقترحاته السياسية، مثل بناء الجدار وحظر دخول المسلمين وغيرها، من شأنها أن تغير جوهر أميركا. وهو ما يذكر الصحافيين بالغرض من مهنتهم في المقام الأول. وفي الحادي والعشرين من يناير المقبل، ستتحدد الاتجاهات في قاعة الصحافة بالبيت الأبيض، إذا لم يطرد الرئيس الصحافة من الجناح الغربي وينهي المؤتمرات الصحافية. وبالطبع سيحدد تعامل وسائل الإعلام مع ترامب، والعكس، كيف سيبدو المشهد الإعلامي خلال السنوات الأربع المقبلة. ومثلما يقول كبير المحللين السياسيين في قناة «إيه بي سي» الإخبارية «دونالد ماثيو»: «إن ترامب لا يلعب وفق القواعد القديمة، ولا ينبغي على وسائل الإعلام والصحافيين أن يفعلوا ذلك.. فالزمن مختلف ويتطلب طريقة مختلفة تماماً». وللرؤساء الأميركيين والصحافة تاريخ حافل بالعلاقات منذ بداية الجمهورية الأميركية، وقد تشكل الهيكل الحالي للتعاملات بنحو مائة عام من التجارب. فبعض الرؤساء شعر بالاستياء من التسريبات والتغطية التي اعتبروها سلبية، ومن ثم حاولوا تقييد وصول الصحافة للمعلومات، وفي بعض الأحيان استهدفوا المراسلين بسلطة الحكومة الأميركية. ويبقى السؤال كيف ستتعامل الصحافة والرئيس فيما وصفه البعض بـ «عصر ما بعد الحقيقة»، في ظل سهولة انتشار الأخبار الكاذبة على صفحات التواصل الاجتماعي. والمرجح أن يتعامل ترامب بصورة مختلفة مع الصحافة، وسيروج لسياساته من خلال «تويتر»، متفادياً أسئلة المتابعة الصحفية التقليدية! ----------------- بيتر جرير وهاري بريونيوس* * صحفيان أميركيان يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»