تُعَدُّ قيم العطاء من القيم التي عمل الآباء المؤسسون لدولة الاتحاد، في مطلع عقد السبعينيات من القرن العشرين، على ترسيخها في أذهان أبناء الوطن، كجزء لا يتجزأ من سلوكهم اليومي، ومكوِّناً أصيلاً من شخصيتهم وثقافتهم التي يمارسونها لدى تعاملهم مع أبناء الثقافات والمجتمعات الأخرى، وتُعَدُّ هذه القيم أيضاً جزءاً من القيم الشاملة التي تسعى القيادة الرشيدة لدولتنا الحبيبة، ممثلة في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى ترسيخها وتأصيلها في أذهان أبناء الوطن كافة. وفي هذا الإطار تأتي مشاركة رجال الأعمال ومؤسسات القطاع الخاص في الأنشطة والمسؤولية المجتمعية، وهي بدورها كذلك قضية ذات أهمية خاصة، نظراً إلى المكانة التي تحتلها تلك المؤسسات وكذلك رجال الأعمال، والمسؤولية التي يضطلعون بها تجاه مجتمعهم، ودورهم الأصيل في تحقيق تطلعات التنمية في وطنهم. وخلال الفترة الأخيرة أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة «الاتحاد»، للوقوف على دور رجال الأعمال وشركات القطاع الخاص في الدولة، ومدى تحملهم المسؤولية المجتمعية الملقاة على عاتقهم، وقد بيَّن الاستطلاع، الذي شمل عينة من الخبراء الاقتصاديين ورجال الأعمال، ومديري الشركات العاملة في الدولة، أن القطاع الخاص يمارس دوراً مؤثراً في مبادرات المسؤولية المجتمعية وفعالياتها، إلا أن هذا الدور يجب أن يُفعَّل بشكل أكثر جدية مما هو عليه الآن، وأن يقدم ممارسات ومبادرات تخدم المجتمع بفئاته كافة، وألا تقتصر ممارساته ومبادراته المجتمعية على القضايا الهامشية، بل يجب أن تكون تلك المشاركات أكثر تأثيراً وذات جدوى حقيقية. فقد رأى 90% من المشاركين في الاستطلاع أن من واجب رجال الأعمال وأصحاب الشركات الخاصة دعم المشروعات الاجتماعية والمبادرات التي توفرها الدولة، وأن يكونوا أكثر إقداماً وتفاعلاً مع تلك المبادرات، كونها جزءاً أصيلاً من ثقافة الإمارات ودور المؤسسات الوطنية، وبيَّن 56% من المشاركين أن الجيل الحالي من رجال الأعمال ومسؤولي الشركات أقل مساهمة من الجيل السابق في جانب المسؤولية المجتمعية، بينما رأى 16% أن الجيل الحالي أكثر مساهمة من الجيل السابق. وهذه المعطيات برغم أنها لا تقلل من أهمية ما يقوم به رجال الأعمال ومسؤولو الشركات والمؤسسات الخاصة في وقتنا الراهن من أدوار مجتمعية، واضطلاعهم بمسؤولياتهم تجاهها، فإنها تشير -من الناحية الأخرى- إلى أن هناك ضرورة لتوسيع هذه الأدوار، وأن يتحمل جميع –وليس بعض- المنخرطين في هذا القطاع مسؤولياتهم، تطبيقاً لرؤية القيادة الرشيدة، التي تفتح الباب أمام الجميع للمشاركة والمساهمة في تطوير وتنمية المجتمع الذين يعيشون فيه، كما أنها تقوم، في الوقت نفسه، بتوفير كل أشكال الدعم للجميع، بما في ذلك رجال الأعمال والمؤسسات الخاصة، لممارسة أنشطتهم الاقتصادية والاستثمارية من دون عوائق، وفي مناخ أعمال قلَّ نظيره في العالم من حيث التميز والمرونة والكفاءة. إن القيم الإماراتية الأصيلة، التي تبناها المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ومن بينها قيم العطاء غير المحدود، هي التي دفعته -طيب الله ثراه- ودفعت القيادة الرشيدة من بعده، إلى بذل كل ما هو غالٍ ونفيس في خدمة هذا الوطن، بل إن هذه القيم ظلت –وستظل دائماً- إحدى الركائز الأساسية للعملية التنموية على أرض هذا الوطن، وهو ما تعيه بالطبع مؤسسات القطاع الخاص ورجال الأعمال في الدولة، بما يؤهل الدولة لتبوُّء مكانة رائدة، من حيث تبني أفضل ممارسات المسؤولية الاجتماعية للشركات على المستوى العالمي. ـ ـ ـ ـ ـ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.