يحتفل العالم في العشرين من نوفمبر من كل عام باليوم العالمي للطفل استجابة لنداء الجمعية العامة للأمم المتحدة بتخصيص يوم للاحتفال بالطفل عالمياً باستعراض الإنجازات والحديث عن التحديات، واعتمد يوم العشرين من نوفمبر كذلك يوم الإعلان الخاص بحقوق الطفل، وتأتي الاحتفالية هذا العام بعد أكثر من شهر من بدء معركة تحرير الموصل، ويواجه المجتمع الإنساني في العراق أزمة أثر تفاقم مشكلة النازحين من الموصل مفضية إلى أزمة إنسانية في البلاد. وقد نزح ما يقرب من 59,000 شخص، نحو 26,000 منهم من الأطفال حسب منظمة اليونسيف. وقبل أن يستوعب العالم حجم المآسي التي يعيشها أطفال العراق وسوريا برزت للسطح مشكلة في سبيلها للتفاقم، ومن شأن انعكاساتها التأثير على مستقبل أجيال حتى بعد انقضاء الحرب الراهنة وهي مشكلة الأطفال من دون جنسية بشكل عام ومشكلة «وثائق أطفال داعش» بشكل خاص. بعد أن سيطر تنظيم «داعش» على مساحات واسعة من الأراضي العراقية والسورية في عام 2014 معلناً «الخلافة» المزعومة التي اخترعها، فمن ناحية التوثيق خضع المواليد الجدد للتسجيل لدى السلطات التي فرضها «داعش» في المناطق التي تخضع لسيطرته، بينما اختار البعض عدم تسجيل الأطفال على الإطلاق. ومع تهاوي «داعش» في العراق وسوريا، واشتداد حالات النزوح والتهجير الجماعي للعوائل والأطفال تداخلت مع مشكلة الأطفال المولودين تحت سيطرة «داعش»، إذ إن نزوح الملايين عن ديارهم أدى لوجود أعداد متزايدة من الأطفال الذين ولدوا في مناطق خارج سيطرة الحكومة السورية أو العراقية، أو في مخيمات اللاجئين خارج الحدود، فبرزت مشكلة وجود المئات وربما آلاف الأطفال دون سن الثانية الذين أصبحوا «من دون جنسية» في أنحاء مختلفة من الشرق الأوسط، أي أنهم يفتقرون إلى الاعتراف الرسمي بهم كمواطنين في أي دولة. وتتفاقم الإشكالات الاجتماعية والقانونية في المناطق التي يسيطر أو كان يسيطر عليها تنظيم «داعش» ففي كل حالات الزواج، التي كانت تجري من دون أوراق رسمية ولا يتم تدوينها، لا يمكن إثبات نسب أبناء هذه الزيجات إن غادروا حدود «دولة داعش»! ولا يمكن أن يحصلوا على جنسية الأب في حال كون الأب من دولة عربية لا تعترف بنسب الأبناء إلا من خلال أوراق رسمية مثبته للزواج وفقاً لقانون الأحوال الشخصية، وتلك إشكالية ستتحملها المرأة والأطفال. وقد صرح أثيل النجيفي محافظ نينوى سابقاً في رده شديد اللهجة على تصريحات نوفل العاكوب محافظ نينوى حول ما أسماه «جهاد النكاح» والأطفال غير معروفي النسب في الموصل، بأن «وثائق داعش لن يتم الاعتراف بها بالتأكيد» وقال «إن المشكلة إجرائية، وإن القوانين العراقية أوجدت حلولاً لمثل هذه الحالات». وبالفعل بدأت في العراق مشكلة الأطفال «من دون جنسية» تتحول إلى أزمة سياسية وقضية رأي عام، مما يستوجب على الحكومة العراقية حسم الجدل مبكراً حتى لا تتفاقم الأوضاع في مرحلة ما بعد «داعش». تركز التغطيات الإعلامية على الحرب في العراق وسوريا على التحليلات السياسية وخريطة السيناريوهات المستقبلية سياسياً، إضافة إلى التكلفة المالية للحرب واللجوء وإعادة الإعمار مع تجاهل شبه تام للتكلفة الاجتماعية لممارسات «داعش» والحرب والنزوح على أجيال من الأطفال، وعلى النساء في المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم، وخاصة أطفال مقاتلي «داعش» الأجانب، ولاشك أن قضية الأطفال «البدون» أو أطفال «داعش» متى ما انهار التنظيم ستصبح قنبلة موقوتة ستنفجر لاحقاً في كثير من البلدان العربية.