عزيزي الرئيس المنتخب ترامب، حسناً، لقد فزت. ولم تكن خياري الانتخابي، إلا أنك ستكون الرئيس قريباً. وليست لدي نيّة لنسيان بعض المواقف التي تحدثت عنها أثناء حملتك. ولن أقضي أيامي كلها ممنّياً نفسي برؤيتك وأنت تفشل في وضع سياساتك موضع التنفيذ، لأن هناك الكثير من القضايا التي تنتظرنا. وبما أنك، وبكل تأكيد، تعيد التفكير الآن ببعض الوعود الانتخابية التي أطلقتها، فإن موقفي من ذلك هو التطرق لبعض الأمور المبنية على المبادئ. ولهذا السبب، دعنا نبدأ من البداية. وها أنا ألتمس منك قبل كل شيء، أن تعيد النظر في تصريحاتك التي قلت فيها إن ظاهرة التغير المناخي ليست أكثر من خدعة! وما من شيء على الإطلاق يمكنه أن يثير رضى واهتمام معارضيك أكثر من الإعلان عن عزمك على إلقاء نظرة جديدة متفحّصة على قضية المناخ. ويمكن لمثل هذا الإعلان أن يجبر العديد منهم على إعادة النظر في موقفهم منك، ويمكنني أن أفترض بأنه ما من واحد من مؤيديك سيعارض ذلك، لأنهم يعلمون جميعاً أن أطفالهم أصبحوا على قناعة بأن المناخ آخذ في التغير، وأن هذا التغير يمكن أن يضرّ بهم أيضاً. إن التغير المناخي ليس خدعة. ودليل ذلك أن الولايات المتحدة شهدت للمرة الثالثة على التوالي شهر أكتوبر (الماضي) الأكثر حرارة في تاريخها، وكما قالت صحيفة «واشنطن بوست» يوم الخميس: «فقد تركزت ظاهرة الاحترار الزائد الأكثر إثارة للدهشة التي شهدتها أميركا الشمالية هذا الأسبوع في كندا، وحيث ارتفعت درجة الحرارة بنحو 30 درجة فهرنهايت عن الحدود المعتادة». وهذا تغير غير مسبوق. وعندما تزور البنتاجون، يمكنك أن تسأل الجنرالات عن التغير المناخي، وسيخبرونك بأن الغالبية العظمى من المهاجرين الذين غمروا أوروبا لا يأتون من سوريا والعراق، بل إن ثلاثة أرباعهم يهجرون المناطق القاحلة في أفريقيا الوسطى حيث يجعل التغير المناخي والنمو السكاني السريع المصادر الزراعية غير مستدامة. وخلال شهر أبريل الماضي، ومن خلال فيلم وثائقي عرضته قناة «ناشونال جيوغرافيك»، تابعت فوجاً من هؤلاء المهاجرين من السنغال الذين عبروا النيجر في طريقهم إلى ليبيا ثم أوروبا. وهناك الآلاف ممن يقومون بهذه الرحلة كل شهر. والشيء ذاته سيحدث في نصف الكرة الشمالي الذي ننتمي إليه، ولن يتمكن أي حائط من إعادة المهاجرين على أعقابهم. ولا يمكنك بأي حال من الأحوال أن تضرب صفحاً عن ظاهرة التغير المناخي وتقول في الوقت ذاته إن لديك سياسة جديدة لمعالجة مشكلة الهجرة. وفي هذا الوقت بالذات، أرجوك أن تفهم أنك لو وظفت في إدارتك ناكري التغير المناخي حتى يتكفلوا بإدارة «وكالة حماية البيئة»، وعملت على سحب أميركا من اتفاقية باريس للمناخ التي تشارك فيها 190 دولة تكفلت كل منها بتخفيض انبعاثاتها من غاز ثاني أوكسيد الكربون التي تساهم في تسخين جو الأرض، فستستثير بذلك الغضب الشديد في أوساط الشباب في أميركا وعبر أوروبا كلها. وسيكون رد الفعل العنيف في أوروبا كافياً لتقويض قدرة الولايات المتحدة على قيادة التحالف الغربي. وكما قال لي عالم الفيزياء المناخية «جو روم» متسائلاً ومخاطباً إياك عن موقفك من هذه القضية: «هل ترغب بالفعل بأن يذكرك التاريخ بأنك الرجل الذي فوّت آخر فرصة متاحة لوضع حدّ لكارثة الاحترار الأرضي؟». ويقول «هال هارفي» الخبير الاستشاري لدى مجموعة من الشركات حول المناخ وسياسات الطاقة، إن للتطور التكنولوجي فضله الكبير في تخفيض تكلفة إنتاج الطاقة الشمسية بأكثر من 80 في المئة منذ عام 2008، وانخفضت أيضاً تكاليف إنتاج طاقة الرياح بأكثر من 50 في المئة فيما انخفضت تكاليف صناعة البطاريات بمعدل 70 في المئة وانخفضت تكلفة أنظمة الإضاءة بتقنية «الصمام ثنائي المسار الباعث للضوء» LED بأكثر من 90 في المئة خلال الفترة ذاتها. ونتيجة لكل ذلك، أصبح «المستقبل النظيف يكلّف أقل من المستقبل القذر». وأضاف هارفي: «واليوم، ومن كاليفورنيا إلى المكسيك وحتى الشرق الأوسط، انخفضت أسعار الطاقة المستخرجة من أشعة الشمس وتيارات الهواء إلى 3 سنتات للكيلوواط ساعة بالمقارنة مع 6 سنتات في المحطات الحديثة لإنتاج الطاقة الكهربائية من حرق الغاز الطبيعي». فهل تقضي استراتيجياتك السياسية بالإبقاء على إدمان أميركا للفحم وتفويت فرصة التطور التكنولوجي في إنتاج الطاقات النظيفة التي ستصبح عما قريب صناعة عالمية ضخمة للتصدير يمكنها أن توفر كثيراً من فرص العمل؟ وهل تريد منا أن نستورد أنظمة إنتاج الطاقات النظيفة من الهند والصين؟ السيد الرئيس المنتخب ترامب، لقد فزت في ولاية فلوريدا. ولكن، هل تعلم من الذي خسر هناك إلى جانب هيلاري؟ إنها شركات توزيع الطاقة ذات العقليات القديمة التي أنفقت 20 مليون دولار لتنظيم استفتاء حول عزمها على وقف النمو السريع للطاقة الشمسية في تلك الولاية! وأقول لأهل فلوريدا: لقد قلتم نعم لترامب، وعليكم أن تقولوها أيضاً للطاقات النظيفة. توماس فريدمان محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»