إن تقديس العلم والمعرفة، وتأكيد حق الجميع في التعلُّم وارتقاء سلم تطوير الذات في مختلف المجالات العلمية والثقافية، هما جزء لا يتجزأ من الفلسفة التي قامت عليها دولة الإمارات العربية المتحدة منذ اليوم الأول لتأسيسها. فقد أدرك جيل المؤسسين، وعلى رأسهم الوالد القائد المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، باكراً أن تسليح أبناء الإمارات وبناتها جميعاً بأحدث العلوم والمعارف، وفتح مختلف الآفاق الثقافية الرحبة أمامهم، من أهم الركائز الرئيسيَّة لإنجاح ملحمة البناء والتنمية التي أطلقوها مع قيام الاتحاد، وترجموا إدراكهم الباكر هذا، قولاً وفعلاً، إلى سياسات وبرامج ومبادرات وضعت حجر الأساس للمشهد التعليمي والمعرفي والفكري والثقافي المتقدِّم الذي تشهده دولة الإمارات اليوم. وفي ظل حرصها على استكمال مسيرة التنمية الشاملة التي تشهدها الدولة، واستدامتها وإنجازاتها الباهرة في المجالات كافة، فإن القيادة الرشيدة لدولة الإمارات، ممثلة في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تولي الجانب المعرفي والثقافي أيَّما اهتمام، وتسخِّر جهودها ودعمها المعطاء لتطويره، ما يترجم إيمانها المطلق بأن المعرفة هي الباب الأول والطريق الأسرع للعبور الآمن نحو المستقبل الأفضل. وانطلاقاً من وعي القيادة بالدور الحيوي الذي تسهم به القراءة في الارتقاء بالمنظومة المعرفية والثقافية، ورؤيتها الحكيمة بأن الاستثمار في الإنسان الإماراتي وتطوير مداركه هو سبيل استدامة تقدُّم الدولة وازدهارها، تجد الإمارات نفسها على موعد مع سياسات واستراتيجيات ومبادرات مبتكَرة وسباقة، أطلقتها وتبنتها القيادة الرشيدة للدولة؛ بهدف ترسيخ القراءة كأسلوب حياة يومي، وصولاً إلى مجتمع المعرفة، وبالتالي إعداد أجيال إماراتية متعاقبة مثقفة وواعية ومنفتحة على الآخر، قادرة على تحقيق قفزات تنموية تضمن تفوق الدولة، وتعزيز تنافسيتها حاضراً ومستقبلاً. وقد برز «2016» بالفعل عاماً إماراتياً ثقافياً استثنائياً بامتياز، في ظل توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بجعله عاماً للقراءة. كما شهد هذا العام إصدار صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، في نهاية أكتوبر الماضي «قانون القراءة» كأول قانون من نوعه للقراءة يضع أطراً تشريعية وبرامج تنفيذية ومسؤوليات حكوميَّة محدَّدة لترسيخ قيمة القراءة في دولة الإمارات بشكل مستدام. وفي سياق استجابتها لمستهدفات «قانون القراءة»، وبما يتفق مع الخطة الاستراتيجية الوطنية للقراءة أعلنت «أبوظبي للإعلام»، مؤخراً، إطلاق «استراتيجية أبوظبي للإعلام للقراءة»، التي تضع هدفين استراتيجيَّين يتمثل الأول في تعزيز القراءة لدى الجمهور بمحتوى إعلامي مبتكر عبر المنصات الإعلامية المختلفة، أما الثاني فهو توفير بيئة عمل محفِّزة للقراءة، وتندرج تحتهما سبع مبادرات تنفيذية لتحقيق الأهداف المعتمَدة. وقد أكد سعادة محمد إبراهيم المحمود، رئيس مجلس إدارة أبوظبي للإعلام، العضو المنتدب، من جهته، أن إطلاق هذه الاستراتيجية جاء متماشياً مع التوجهات التي وضعها «القانون الوطني للقراءة»، من خلال الأطر الملزِمة لجميع الجهات الحكومية في القطاعات التعليمية والمجتمعية والإعلامية والثقافية، لترسيخ القراءة لدى جميع فئات المجتمع في مختلف المراحل العمريَّة. وتأتي مبادرة «استراتيجية أبوظبي للإعلام للقراءة» جزءاً من الدلائل المبرهنة على مدى التفاف المجتمع الإماراتي بكل مؤسساته وشرائحه حول رؤية القيادة الرشيدة لضرورة تأصيل ثقافة التعلُّم مدى الحياة، وتعزيز دور القراءة والاطِّلاع في بناء الإنسان معرفياً وخُلقياً، ما يسهم بالتأكيد في بناء غدٍ أفضل للبشرية، وتجاوز التحديات الحالية والمستقبلية التي تهدد العالم، بما في ذلك خطر الفكر المتطرِّف الذي يجد في مناطق الفقر والجهل مرتعاً خصباً لتناميه. ولا شكَّ في أن «قانون القراءة» الذي رأت قيادتنا الرشيدة تتويج «عام القراءة» بإصداره، وما تضمَّنه من بنود مهمة ومبتكرة لاقت أصداء محلية وإقليمية وعالمية إيجابية، سيسهم في تكريس صورة الإمارات من جديد نموذجاً ملهِماً للكثير من الدول والشعوب. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية