تُولي دولة الإمارات العربية المتحدة تطوير منظومة التعليم في مراحلها المختلفة اهتماماً استثنائياً، وبما يواكب مسيرة التنمية والتطور التي تشهدها الإمارات في المجالات كافة، وذلك من خلال الاهتمام بالبعثات العلمية وتوجيهها إلى التخصصات النوعية الدقيقة التي يحتاج إليها سوق العمل، ومن خلال تطوير المناهج والارتقاء بمهارات المعلمين وقدراتهم بشكل مستمر. في هذا السياق جاء تأكيد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، رئيس مجلس التعليم والموارد البشرية، ضرورة التنسيق بين جهات الابتعاث في الدولة، خلال ترؤس سموه، مؤخراً، الاجتماع الثامن للمجلس في دبي، حيث قدم معالي الدكتور أحمد بن عبدالله حميد بالهول الفلاسي، وزير دولة لشؤون التعليم العالي، نبذة عن وضع الطلبة المبتعَثين خارج الدولة، واستراتيجية الوزارة الهادفة إلى زيادة أعداد الطلبة المبتعَثين للدراسات العليا. وضمن جهود تطوير منظومة التعليم في الدولة أيضاً، كشف معالي حسين بن إبراهيم الحمادي وزير التربية والتعليم، خلال لقاء تعريفي نظمته الوزارة مع أولياء أمور ومعلمين وطلبة في إمارة رأس الخيمة، مؤخراً، عن أن الوزارة عكفت منذ بلورتها السياسات التعليمية المطورة الحالية والمنضوية تحت مظلة المدرسة الإماراتية، على صياغة منظور شامل للمنظومة التعليمية في الدولة والتي تجسدت من خلال تطوير ومواءمة واستحداث مناهج جديدة من أجل الارتقاء بمستويات التحصيل العلمي للطلبة، في مختلف مسارات التعليم التي طبّقتها الوزارة منذ بداية العام الدراسي الحالي، بهدف مواكبة طموح الدولة وتطلعات المجتمع إلى منتج تعليمي يمكنه العبور إلى عصر الاقتصاد المعرفي المستدام. لا شك في أن التعليم الجيد لم يعد فقط المدخل إلى المنافسة في سوق العمل، بل إن قوة الدول الاقتصادية أصبحت تقاس بمقدار ما توفره من تعليم نوعي تتواءم مخرجاته مع احتياجات سوق العمل، وبالشكل الذي يخدم خطط التنمية فيها، وهذا ما تسير عليه منظومة التعليم الإماراتية، التي أصبحت أكثر مواكبةً لحركة التطور ومسيرة التنمية في المجالات كافة، فنظرة سريعة إلى البرامج الدراسية التي تقدمها العديد من المعاهد والكليات المنتشرة في الإمارات تُظهر بجلاء ذلك الترابط بين مخرجات التعليم وسوق العمل، فكلية «بوليتكنيك أبوظبي» التي بدأت الدراسة فيها بدبلوم الطاقة النووية بهدف تخريج كوادر بشرية قادرة على تشغيل محطة الطاقة النووية في الإمارات، وليكون الخريجون المواطنون مستعدين للعمل وتولي المسؤولية فيها، أدخلت ضمن مناهجها قائمة جديدة من التخصصات النوعية والحيوية كتكنولوجيا هندسة أمن المعلومات، وتكنولوجيا هندسة البتروكيماويات، فضلاً عن المعاهد التعليمية المتخصصة في بعض المجالات الحيوية، كمعهد «مصدر للعلوم والتكنولوجيا»، الذي يعنى بالدراسات العليا وبحوث الطاقة المتجددة، هذا إضافةً إلى البعثات العلمية الخارجية التي تركز على التخصصات النوعية الدقيقة التي تخدم توجه الإمارات نحو اقتصاد المعرفة، فهذه البعثات تتيح لطلابنا الدراسة في أعرق المعاهد والجامعات الدولية، والتخصص في علوم العصر والتكنولوجيا الحديثة والطاقة النووية والهندسة النووية، وهي مجالات تواكب مشروعات الدولة الطموحة نحو المستقبل، ومساعيها نحو الانتقال إلى مرحلة ما بعد النفط التي تستهدف بناء نظام اقتصادي يتسم بالاستدامة، تقوده كفاءات مواطنة. التعليم هو الرهان الحقيقي نحو المستقبل، خصوصاً لدولة مثل الإمارات تسعى إلى الانتقال لمرحلة ما بعد النفط، التي تتطلب كوادر مواطنة تمتلك مهارات خاصة، من أجل إرساء أسس نظام اقتصادي مستدام، وهذا هو ما خلص إليه المؤتمر السنوي السابع للتعليم الذي نظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في بداية شهر نوفمبر الجاري، والذي أوصى بزيادة الاهتمام بالبحث العلمي في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي، والعمل على رفع القدرات البحثية والعلمية للطلاب من خلال التدريب المستمر وبناء الشراكات البحثية مع المؤسسات الوطنية والعالمية، بما يسهم في خلق أجيال أكثر قدرة على التعامل مع متطلبات المستقبل واحتياجات سوق العمل. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية