تقتضي الحكمة الدارجة أن يُقابَل انتصار هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية بارتفاع في «وول ستريت»، بينما يؤجج فوز «دونالد ترامب» الخوف والتراجع. بيد أنه مع لعبة التخمين هذه ربما تضيع حقيقة أعمق، فثمة دليل على أن سلوك أسواق الأسهم في الأيام التي تلي الانتخابات، وفق ظروف معينة، يمكن أن تتنبأ بمعدل النمو الاقتصادي خلال بقية إدارة الرئيس المنتخب. وهذه على الأقل فرضية دراسة حديثة منشورة في دورية «إيكونومكس آند بزينس ريسيرش»؛ إذ جمع الباحثون الأكاديميون «وين وين شين» و«روجر ماير» و«زيانج وانج» بيانات حول الانتخابات الرئاسية ترجع إلى عام 1900، عندما فاز الرئيس «ويليام ماكينيلي» في الانتخابات لفترة ثانية. وتعقب الباحثون مؤشر «داو جونز» الصناعي في اليوم التالي للانتخابات، إلى جانب الأداء التراكمي للمؤشر خلال الأسبوع والشهر التاليين. وتوصلوا إلى أنه، مع بداية القرن العشرين، لم يعكس أداء سوق الأسهم بعد الانتخابات التنبؤات الدقيقة بشأن اتجاه الاقتصاد الأميركي. لكن في بداية عام 1936، بدأ الحكم الفوري للأسواق يعرض نموذجاً غريباً استمر حتى عام 1988. ففي المنافسة الرئاسية المبكرة، كان رد فعل الأسواق في اليوم التالي للانتخابات يرتبط ارتباطاً عكسياً مع مستقبل النمو الاقتصادي: فالارتفاع في اليوم الأول كان يعقبه أربع سنوات من الركود والنمو الضعيف؛ وأما موجة البيع فكان يعقبها نمو قوي في إجمالي الناتج المحلي. وبعبارة أخرى، كانت سوق الأسهم تخطئ باستمرار. وبحلول نهاية القرن العشرين، طرأ تحول على الدينامكيات. وبعد انتخاب جورج بوش الأب عام 1988، تحولت العلاقة إلى طردية للمرة الأولى، في ضوء تراجع سوق الأسهم في اليوم التالي لانتخابه، ثم أثبتت أرقام إجمالي الناتج المحلي في ظل إدارته تراجعاً شديداً. ومنذ ذلك الحين، أصبح الارتباط أقوى، وظل طردياً في الانتخابات كافة حتى عام 2008، فارتفاعات سوق الأسهم تعني النمو، والانخفاضات لم تكن تبشر بخير حقيقة. وبالطبع، لا يتكهن معدو الدراسة، وإن كان من المثير للاهتمام أن الارتباط العكسي ظهر أثناء العهد الجديد عندما بدأت الحكومة للمرة الأول لعب دور كبير في الاقتصاد بشكل عام. لذا، بمجرد أن بدأت ثورة «ريجان» تؤتي أكلها، تحولت طبيعة الارتباط إلى النطاق الطردي، وظلت كذلك إلى أن بلغ الرئيس أوباما سدة الحكم في عام 2008. وفي عام 2012، لم يصمد ذلك النموذج، إذ فاز أوباما لفترة ثانية بالرئاسة الأميركية، ولم ترحب به «وول ستريت»، مع موجة بيع كبيرة وتراجع 313 نقطة. لكن الاقتصاد سجل فصلاً تلو الآخر نمواً قوياً طول السنوات الأربع، على النقيض تماماً من الركود الذي بدت سوق الأسهم تشير إليه مع إعادة انتخابه. ويبقى السؤال: هل كانت هذه حالة عارضة؟ أم أنها تشير إلى أن موجات الارتباط تحولت مرة أخرى إلى النطاق العكسي، في إشارة إلى أن سوق الأسهم كانت تفسر نتائج الانتخابات الرئاسية بطريقة خاطئة تماماً؟ ربما سنضطر إلى الانتظار حتى عام 2020 لمعرفة ما إذا كانت هذه الفرضية الرمزية لا تزال صامدة أم لا! ستيفن ميهم: أستاذ التاريخ في «جامعة جورجيا» يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»