اليوم، 8 نوفمبر 2016، تجري انتخابات الرئاسة الأميركية، والتي ستحدد من سيكون الرئيس الـ 45 لأكبر وأغنى دولة في العالم. وعلى الرغم من استطلاعات الرأي المتعددة، والتي تتفق في معظمها على تقدم هيلاري كلينتون، فإن هذا التوقع سيظل غير مؤكد حتى إغلاق صناديق التصويت وفرز الأصوات وإعلان النتائج. ويأتي عدم اليقين ذلك من أمثلة حديثة جداً، حيث تناقضت النتيجة الرئيسة مع نتائج مسوح الرأي العام، وكان آخر الأمثلة هو فوز بنيامين نتنياهو بمنصب رئيس الوزراء الإسرائيلي للمرة الثالثة، وكذلك نتائج التصويت البريطاني فيما يتعلق باستفتاء «البريكسيت». أما بالنسبة للانتخابات الأميركية الرئاسية، فإنه على الرغم من احتمال فوز هيلاري كأول سيدة تفوز بالرئاسة، حسب استطلاعات الرأي العام، فإن الفارق بينها والمرشح الجمهوري دونالد ترامب يستمر في التضاؤل، كما أن ذوي الخبرة في علم تحليل الانتخابات لا يستبعدون دور المفاجآت في دفع المواطن الأميركي ناحية هذا المرشح أو ذاك. وفي رأيي أن من سيحسم النتيجة، سيكون عدد من يقومون بالتصويت فعلاً، خاصة في الولايات التي لم تحسم أمرها بعد. بمعنى آخر إذا توجه المصوتون مثلاً من الجماعات العرقية، خاصة الأميركيين السود، وكذلك النساء، بأعداد كبيرة إلى مراكز الاقتراع، فسيكون الفوز من نصيب هيلاري كلينتون. النتيجة التي ستظهر لاحقاً هذا اليوم، ستكون ميداناً للنقاش بين المتخصصين عن لماذا؟ وكيف؟ وأياً كان الفائز الرسمي في هذه الانتخابات، فإنه يمكن من الآن تسجيل بعض الاستخلاصات التحليلية: 1- من الصعب تصور نتائج أية انتخابات وطنية يكون لها التأثير العالمي نفسه -أي خارج حدود الدولة والمجتمع الأميركي- مثل هذه الانتخابات، فمثلاً على الرغم من أن الأمم المتحدة تكرر بأنها منظمة عالمية، وبعيداً عن فيتو مجلس الأمن، فإن كل موظفي هذه المنظمة- من كبيرهم إلى صغيرهم- يسبحون في الثقافة اليومية الأميركية ويتأثرون بالإعلام الأميركي الطاغي، من «نيويورك تايمز» إلى «فوكس نيوز». كما أن منظمات دولية تقرر مصير اقتصاد العالم، مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، توجد هناك بالقرب من البيت الأبيض، لذلك نتكلم منذ ربع قرن تقريباً عن «توافق واشنطن» الذي يوجه اختيارات العالم. وباختصار، فواشنطن هي عاصمة العالم، ومن سيكون في البيت الأبيض له تأثير كبير في إدارة هذا العالم، إيجاباً أم سلباً. 2- إن ذلك التأثير يتزايد عندما ينتقل الاستقطاب الحالي في هذه الانتخابات الرئاسية الأميركية إلى العالم. فشعبية ترامب تمثل جزءاً لا يتجزأ من تيار اليمين المتصاعد في أنحاء العالم ودفعة قوية له، من بريطانيا إلى هولندا إلى فرنسا. وما يميز ترامب البذاءة في التعبير عن مشاعره الشوفينية البدائية، وصرامته الذكورية الفجة في النظرة إلى النساء. وحتى إنْ لم يصل إلى البيت الأبيض، فإنه ساعد في إشاعة بعض المعايير المتدنية، وأصبح بذلك تجسيداً لـ «الأميركي القبيح». 3- وتثار الظنون أيضاً بشأن المرشحة هيلاري كلينتون، وقبولها أموالاً أجنبية لمصلحة مؤسسة زوجها، وتأثير هذا على سياسة أميركا عندما كانت هيلاري وزيرة للخارجية، ثم تعريضها أمن أميركا القومي للخطر عن طريق استخدام بريدها الإلكتروني خارج القنوات الرسمية، ثم المشاكل الصحية التي تعاني منها، والتي أدت إلى انهيارها ونقلها إلى المستشفى خلال أحد لقاءاتها الانتخابية. وباختصار، فإن مَن سيجلس في البيت الأبيض سيكون ناقص الشرعية، حتى داخل أروقة حزبه المصاب حالياً بالضعف والتفكك، وبالتالي ستنعكس مشاكل هذا الرئيس على العالم، طالما أن واشنطن لا تزال عاصمة العالم.