في الوقت الذي انتقل فيه مصطلح الوجبات السريعة (Fast Food) إلى اللغة العربية، وأصبح إلى حد كبير شائع الاستعمال، فشل مصطلح «الأطعمة الحثالة» أو «الأغذية الزبالة» (Junk Food) في تحقيق النقلة نفسها، أو الشيوع في الاستخدام. وعلى رغم أن مصطلح الوجبات السريعة، يشير في معناه العام حالياً إلى الأطعمة غير الصحية، فإن الفارق بينه وبين الأطعمة الحثالة، يتجسد في أن الوجبات السريعة ليست بالضرورة غير صحية، مثل سلطة الخضار، أو سلطة الفواكه، أو حتى موزة يتم تقشيرها وتناولها في بضع ثوان. أما الأطعمة الزبالة أو الحثالة فتتميز دائماً بأنها غير صحية، أو على الأقل بأنها تحتوي مقداراً كبيراً من السعرات الحرارية، أو الدهون، أو الأملاح، دون أن تحتوي قدراً متوازناً من العناصر الغذائية المهمة مثل الفيتامينات، أو الألياف، وبغض النظر عن طول الوقت الذي استغرقه تحضيرها. ويمكن على سبيل المثال لا الحصر تضمين الأطعمة التالية تحت مظلة الأطعمة الحثالة: المشروبات الغازية المحلاة، الوجبات السريعة المقلية، الحلويات، الآيس كريم، المخبوزات المصنعة من دقيق أبيض، الأطعمة مرتفعة المحتوى من الملح، وغيرها كثير. وتبعاً لطريقة التحضير والطبخ وما يضاف لاحقاً إلى الغذاء يتحدد ما إذا كان الغذاء سيصنف كصحي أو كزبالة. وأفضل مثال على ذلك هو حبوب الإفطار، التي يفترض فيها أن تحتوي كميات مرتفعة من الألياف الطبيعية، ولكن عند إضافة مقادير هائلة إليها من السكريات، كما هو الحال مع الأنواع «الفروستد» (Frosted) المغطاة بالسكر، أو الأنواع المغطاة بالشيكولاته، أو تلك التي يتم تصنيعها من دقيق أبيض مُصفّى، تتحول ساعتها إلى غذاء زبالة، بسبب ارتفاع محتواها من السعرات الحرارية، مقارنة بمحتواها من العناصر الغذائية الضرورية. وليس بالخفي على أحد تبعات تغير نمط غذاء أفراد الجنس البشري خلال العقود القليلة الماضية، والمتمثل في التحول من الغذاء الطازج المكون في معظمه من الخضروات والفواكه، وبكميات معتدلة، إلى الغذاء مرتفع المحتوى من السعرات الحرارية، ومنخفض المحتوى من العناصر الغذائية الضرورية والمهمة، والذي غالباً ما يكون مصنعاً بدرجة عالية، ومضافاً إليه مواد حافظة، ومنكهة، وملونة، وخلافه. وتتجسد تبعات هذا التغير في الوباء العالمي الحالي من السمنة، حيث تشير التقديرات إلى أن أكثر من 1.4 مليار من أفراد الجنس البشري زائدو الوزن حالياً، ومن بين هؤلاء يوجد نصف مليار مصابون بالسمنة المفرطة، كما يلقى 2.8 مليون شخص حتفهم سنوياً بسبب الأمراض والمضاعفات الناتجة عن زيادة الوزن والسمنة. وتأخذ هذه المشكلة بعداً خاصاً بين الأطفال، حيث تقدر الإحصاءات أن أكثر من 40 مليون طفل دون سن الخامسة، مصابون بزيادة الوزن والسمنة، مما يجعل سمنة الأطفال من أخطر التحديات التي تواجه نظم الرعاية الصحية في القرن الحادي والعشرين. وخصوصاً أن هؤلاء الأطفال يصبحون عرضة للإصابة بداء السكري، وبأمراض القلب والشرايين في عمر أصغر، مقارنة بأقرانهم ذوي الوزن الطبيعي خلال مرحلة الطفولة، وهو ما يزيد بدوره من احتمالات تعرضهم لإعاقات صحية لفترة أطول من رحلة حياتهم، ومن ثم الوفاة في سن مبكرة. وتشير حالياً تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن عدد المصابين بداء السكري حول العالم، قد زاد بمقدار أربعة أضعاف خلال الثلاثة عقود الأخيرة، من 108 ملايين عام 1980 إلى 422 مليوناً عام 2014، وهو ما يعادل زيادة في معدل الانتشار بين من تخطوا الثامنة عشرة، من 4.7 في المئة حينها إلى 8.5 في المئة حالياً، كما تقدر المنظمة الدولية أن السكري يتسبب بشكل مباشر في 1.5 مليون وفاة سنوياً، بالإضافة إلى 2.2 مليون وفاة أخرى، تنتج عن ارتفاع المتوسط العام لمستوى السكر في الدم، دون أن يكون هناك تشخيص إصابة بالسكري بشكل كامل. وأمام هذا الواقع المؤسف لا بد من مواجهة مشكلة السمنة بين الأطفال، وبالتحديد تغيير نمط غذائهم الحالي، والتحول من الوجبات السريعة والأطعمة الزبالة إلى نمط غذاء صحي متوازن يعتمد في أساسه على الخضروات والفواكه الطازجة. ولكن دائماً ما تصطدم الجهود الساعية إلى تحقيق هذا الهدف بالتكيتكات أو الأساليب التسويقية لصناعة الغذاء الزبالة، والتي دائماً ما تستهدف الأطفال صغار السن. وآخر تلك الأساليب هو التحول الواضح في الوسائل التي تستخدمها صناعة الأطعمة الحثالة، واستبدال سبل التسويق التقليدية المعتمدة على التلفزيون والسينما، إلى أسلوب جديد يعتمد على الوسائل الحديثة للاستهلاك الترفيهي، أي من خلال الإنترنت، وألعاب الكمبيوتر، واليوتيوب، وباقي وسائل التواصل الاجتماعي الأكثر جاذبية بين الأطفال، مثل الفيسبوك والسناب تشات.