حمل تقرير الوظائف الأميركية لشهر أكتوبر الذي نشرته وزارة العمل يوم الجمعة الماضي ثلاث رسائل بسيطة: الرسالة الأولى للاقتصاد ومفادها أن من الأخبار الجيدة لاقتصاد يدعمه الاستهلاك أن يتحقق الجمع بين النمو ثابت الاطراد في الوظائف -فقد توافرت 161 ألف وظيفة جديدة في أكتوبر في تعديل بالزيادة عن تقديرين شهريين سابقين توقعا توافر 44 ألف وظيفة فقط- وبين الزيادة الأسرع في نمو الأجور -تبلغ حالياً 2,8 في المئة على مستوى سنوي. ومع مرور الوقت، ستشجع مثل هذه النتائج الشركات على استثمار المزيد. ولكن التقلص الطفيف في معدل مشاركة قوة العمالة في الاقتصاد -بنسبة 0,1 نقطة مئوية لتصل إلى 62,8 في المئة، في أدنى مستوى تقريباً في عدة عقود- يشير إلى أهمية الاستجابة بسياسة أكثر شمولاً فيما يتجاوز الاعتماد طويل الأمد والمفرط على البنوك المركزية. ودون أن يتخذ صانعو السياسة الآخرون مثل هذا الإجراء سيواجه الاقتصاد رياحاً هيكلية أشد معاكسة للنمو الشامل المستدام والرخاء طويل الأمد. والرسالة الثانية وهي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي ومفادها أن الغالبية العظمى من محتوى تقرير الوظائف هذا تؤيد زيادة أسعار الفائدة حين تجتمع لجنة اتخاذ القرار في البنك المركزي في ديسمبر المقبل. ومحلياً ليس من المحتمل أن يعطل هذا الإجراء الآن إلا رد فعل مضطرب للغاية للأسواق على انتخابات الرئاسة في الثامن من نوفمبر وانتخابات التجديد في الكونجرس. والرسالة الثالثة، وهي للأسواق، ومفادها أنه من المطمئن أن التعافي الأميركي رغم كونه أبعد ما يكون عن الازدهار الشديد فإنه ما زال يسير على الطريق الصحيح. ولكن ما يبعث على اطمئنان أقل هو زيادة احتمالات رفع سعر الفائدة بعد أن أصبحت البنوك المركزية في كل مكان -لأسباب تتعلق بالاستعداد والقدرة- أقل فعالية في كبح التقلب المالي ودعم أسعار الأسهم. ومصير الأسواق يتوقف أكثر من أي وقت مضى حتى الآن على انتقال صعب المنال من الاعتماد المفرط على البنوك المركزية إلى استجابة تمثل سياسة أكثر شمولًا. محمد العريان كبير المستشارين الاقتصاديين في شركة «أليانز» ورئيس مجلس التنمية العالمية التابع للرئيس الأميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»