خلال الأشهر الماضية، تعهد دونالد ترامب بمواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي بمنتهى القسوة، وانتقد تقاعس إدارة أوباما في قتال الإرهابيين. والآن، ومع انطلاق معركة الموصل، أصبح هو ذاته المتنبئ الأكبر بفشل هذه المهمة التي سبق أن طالب بها، لأنها تندرج وفقاً لهواجسه التي لا نظير لها، ضمن إطار نظرية المؤامرة التي تستهدفه. ويوم الأحد، قال عبر تغريدة على «تويتر»، إن الهجوم الذي تقوده العراق ضد معقل «داعش» في الموصل في طريقه إلى الفشل. وجاء في تغريدته: «إن الهجوم على الموصل أخذ يتحول تدريجياً إلى كارثة. ولقد أولينا الموضوع شهوراً من الاهتمام، ويبدو أن الولايات المتحدة باتت تعاني من الصمم. صوتوا لترامب واربحوا من جديد»! وصباح الاثنين، وخلال لقاء تلفزيوني يديره الإعلامي الشهير «بات روبرتسون»، كرر ترامب نبوءته القائلة بأن الولايات وحلفاءها، ومعهم الجيش العراقي، سوف يفشلون في معركة الموصل. وآثر أيضاً في ذات الحوار تكرار ما تنبأ به من قبل من أن عشرات الآلاف من العراقيين والأكراد، ومعهم القوات الحليفة التي تساندهم في «هجوم التسلل» على الموصل، سيكون نجاحهم مستحيلاً لو أخذنا بعين الاعتبار حجم المهمة وطبيعة أرض المعركة هناك. وأضاف: «أنتم ترون ما الذي يجري الآن. وتشاهدون مدى القصور الذي يعتري خطة الهجوم. ولو أردتم اختراق الموصل، كان الأجدر بكم ألا تخبروا سكانها بذلك قبل أربعة أشهر من موعد انطلاق الهجوم. صحيح أن سكان المدينة يعانون الأمرّين، لكن الإرهابيين الذين كنا نبحث عنهم، ومعهم قادة تنظيم داعش، فرّوا ولم يعد لهم وجود». وجاءت تغريدات ترامب يوم الأحد وتعليقاته يوم الإثنين في أعقاب سلسلة من البيانات الخاطئة التي أدلى بها مرشح الحزب الجمهوري لتوصيف ما يحدث على أرض المعركة في الموصل، وكان يكرر العديد من تعليقاته التي ذكرها خلال مناظرته الانتخابية الأخيرة مع هيلاري كلينتون. وخلال حملته الانتخابية، كان يكرر مقولته التي مفادها أن إدارة أوباما أطلقت نواياها العدوانية من عقالها في الموصل، وقال: «حدث ذلك لأن أوباما أراد أن يظهر للعالم مدى قوة شكيمته قبل حلول موعد الانتخابات، ولأن إدارته تحاول دعم ترشيح هيلاري». وهذا زعم خاطئ لأن الحملة التي تقودها الحكومة العراقية بدعم من القوات الحليفة تحقق الإنجازات المقررة وفق الخطة الزمنية الموضوعة. ونتوقف أيضاً عند زعم ترامب بأن المهمة في الموصل تُعتبر «كارثية بكل معنى الكلمة»، لنقول له إن هذا الزعم خاطئ تماماً. ولقد كان يتمنى فشل المعركة التي يشارك فيها مئات الجنود الأميركيين الذين يواجهون ظروفاً صعبة، وحيث لقي أحدهم مصرعه قبل عدة أيام فقط. ويبدو بوضوح أن تصريحات ترامب حول طريقته في محاربة «داعش» تقع خارج نطاق المنطق القائم على الأرض. وقال في عدة مناسبات: إن خططه تتميز «بسرّيتها»، وإنه أجاز تعذيب الإرهابيين وهدد بتصفية عائلاتهم ووعد بسرقة النفط الذي يبيعونه ليمولوا عملياتهم الإرهابية. وأنا أرى أن هذا الكلام كله بلا معنى ويفتقر إلى المنطق. وكان أقوى تصريح أدلى به ترامب ذلك الذي قال فيه، إنه «سيسقط الجحيم فوق رؤوس تنظيم داعش»، والآن ينتقد التحالف الذي يقوم بهذا الفعل الذي أراده ونادى به. وتتميز معركة الموصل بالفوضى وعدم الوضوح، والتقدم فيها بطيء، والقتال فيها سوف يتواصل لأسابيع على الأقل.. لكن الأمر لا ينطوي على «كارثة حقيقية»، ولا يمكن لقائد عسكري أميركي واحد أن يعمل في هذا الاتجاه. وأدى وزير الدفاع آشتون كارتر زيارة ميدانية للمناطق القريبة من الموصل خلال عطلة نهاية الأسبوع، وأعلن عن تقديم المزيد من الدعم للجنود الأميركيين المشاركين في المهمة. وقال: «دعوني أبدأ كلامي بالإشادة بالعمل العظيم الذي يقوم به جنودنا. وكانت لي فرصة الالتقاء بهم والتحدث إليهم حول المهمة المنوطة بهم، وأخبرتهم بمدى دعمنا لهم. ولا يمكنني أن أشرح كل ما حدث، لكني لاحظت أن كل شيء يسير على النحو الذي نتوقعه من قواتنا. وهذه المهمة ضرورية لحماية شعبنا. ولهذه الأسباب نجد بعض جنودنا هنا وهم يواجهون المخاطر كل يوم، وهم يفعلون ذلك لأن المهمة ضرورية للدفاع عن وطننا». هكذا يتكلم القادة عن العمليات التي يقومون بتنفيذها. أما التنبؤ بأن القوات الأميركية تخوض معركة خاسرة، وبأنها غير فعالة، فذلك لا يمكن أن يندرج إلا في إطار غوغائية ترامب التي لا تختلف عن الشعارات التي يطلقها تنظيم «داعش» الإرهابي. جوش روجين محلل أميركي في السياسة الخارجية والأمن الوطني ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس"