جوناثان بيرنشتاين* من سوء الحظ أن هيلاري كلينتون، تمكنت من اجتياز المناظرات الرئاسية الثلاث بسلاسة، ومن دون أن تتعرض لضغط كبير على أي من نقاط ضعفها. في هذه النقطة من الزمن، أكاد أجد نفسي عاجزاً عن العثور على الطرق التي يمكن لي التعبير بها عن غضبي العارم تجاه دونالد ترامب الذي بات من المؤكد تقريباً أنه لن يصبح رئيساً. ولكن دعونا، في هذا السياق على الأقل، نقول في معرض رد فعلنا على أدائه في المناظرة الثالثة والأخيرة: «لم يكن مقبولاً من مرشح حزب رئيس أن يقول إنه يرفض مقدماً النتيجة التي ستنتهي بها الانتخابات الأميركية، وأن يزعم أن منافسته ما كان يجب أن يسمح لها بخوض تلك الانتخابات من الأساس». لقد عرف ترامب القليل من الشعارات الجذابة، وعرف كيف يثير موضوع البريد الإلكتروني من آن لآخر، ولكنه راح يكرر مثل تلميذ لم يقرأ سوى فقرة فقط من واجب القراءة، أن هيلاري قد ضبطت وهي تكذب بشأن موضوع الشراكة عبر الهادي في المناظرة الأولى. وهو ما كرره في المناظرة الثالثة عندما قال إنها قد أنكرت كذباً أنها قد أطلقت على تلك الشراكة وصف «معيار الذهب». ولكن ما يقال بشأن معظم أجزاء المحاضرة هو أن ترامب قد أثبت أنه عاجز عن أن يلحق ضرراً حقيقياً بهيلاري. فالاكتفاء بالقول إنها «سيدة سيئة» شيء لا يؤبه له. فلنتذكر هنا، أداءه في الجزء الخاص بالسياسة الخارجية في مناظرة ليلة الأربعاء، الذي ركز بشكل خاص على الموصل وحلب. فعلى الرغم من أن أداء إدارة أوباما في العراق وسوريا، في الفترة التي كانت فيها هيلاري تشغل منصب وزيرة الخارجية، يمكن أن يكون عرضة لانتقادات عديدة، وهو ما ينطبق أيضاً على خططها المعلنة بشأن ما ستفعله عندما تصبح رئيسة، فإن ترامب، لم يتمكن من صياغة شيء يقترب مما يمكن أن نسميه نقداً. فعند تناول الموقف المعقد للمعركة التي تدور رحاها في الوقت الراهن من أجل استرداد مدينة الموصل العراقية من تنظيم «داعش»، اقتصر حديثه تحديداً على نقطة محددة ركز عليها وهي الكيفية التي تمكن بها «داعش» من أن يعلم مقدماً بالعملية التي تخوضها ضده القوات العراقية وحلفاؤها، بدعم من الولايات المتحدة، كما لو أن الجيوش قادرة على أن تظهر بطريقة سحرية في ميدان المعركة، من دون أن تقوم قبل ذلك بالزحف نحو ذلك الميدان، وهو ما قد يستغرق بعض الوقت، ويمكن معرفته بالتالي. أما بالنسبة إلى سوريا فقد سأل مدير المناظرة «كريس والاس» ترامب عن تصريحه الغريب في المحاضرة الأخيرة بشأن أن حلب «سقطت» بالفعل. ولم يتمكن المرشح «الجمهوري» من مقاومة الدافع لحفر حفرة أعمق لنفسه، عندما راح يهذي حول أن الأحوال كانت سيئة للغاية في المدينة السورية وهو ما كان يعني (حسب تخميني) أنه يقصد أن يقول إنه كان مصيباً في قوله إنها قد سقطت. وكان لدى هيلاري إجابة جيدة عن اتهام ترامب بـ«تزوير» الانتخابات، واستجابة رهيبة جاهزة للرد على اتهامه لها أنها لم تفعل شيئاً خلال الثلاثين عاماً الماضية سوى الكلام، وقد فعلت ذلك على نحو جيد للغاية. لم يظهر ترامب أي قدرة على الإطلاق على الاستماع، والتحليل، والاستجابة، ولا قدرة على الانقضاض على أي مواضع ضعف أظهرتها منافسته خلال المناظرة. بدلاً من ذلك كان من اليسير للغاية- كما كان يحدث عادة- استدراجه لإضاعة الوقت المخصص له في الدفاع عن نفسه، بدلاً من التوجه إلى حيث كان يريد أن يذهب في المناظرة. * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»