في أهم انتخابات ديمقراطية تتطلع إليها أنظار العالم، أشارت استطلاعات الرأي المنشورة خلال الأيام الماضية الأخيرة حول شعبية مرشحَيْ السباق الرئاسي الأميركي، إلى تقدم المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بفارق متزايد على منافسها الجمهوري دونالد ترامب، حتى بات في حكم المؤكد أن وزيرة الخارجية السابقة في طريقها إلى رئاسة البيت الأبيض، وذلك رفقة نائبها -الديمقراطي أيضاً- تيم كاين. فمن هو كاين؟ وكيف يؤثر ترشحه ضمن بطاقة هيلاري على حظوظها الانتخابية؟ «تيموثي مايكل كين»، الملقب بـ«تيم كاين»، محامٍ وسياسي أميركي في العقد السادس من عمره، وهو سيناتور سابق وحاكم سابق أيضاً لولاية فرجينيا، اختارته هيلاري مرشحاً رفقتها لمنصب نائب الرئيس. وُلد تيم كاين في «سانت بول» بولاية مينيسوتا، لوالدته ماري كاثلين بيرنز ووالده ألبرت كين (المنحدر من أصول أيرلندية واسكتلندية)، لكنه نشأ وترعرع في مدينة كانساس سيتي بولاية ميسوري، حيث نال شهادة الثانوية العامة في عام 1976 بمدرسة «روكهارست هاي سكول» في كانساس، كما حصل على بكالوريوس في الاقتصاد من جامعة ميسوري عام 1979، ليلتحق في العام التالي بكلية الحقوق في جامعة هارفارد وينال منها شهادة الدكتوراه عام 1983. وفي ذلك العام التحق بمكتبٍ للمحاماة في فرجينيا، واشتهر كمحامٍ متخصص في الحقوق المدنية. بدأ كاين حياته السياسية في عام 1994، حين انتُخب عضواً بالمجلس البلدي لمدينة ريتشموند، وأعيد انتخابه في عام 1996، ثم تم اختياره في عام 1998 عمدة للمدينة، كأول أميركي غير أفريقي يتقلد هذا المنصب منذ عشر سنوات قبل ذلك التاريخ. وأعيد انتخابه عام 2000، وفي العام التالي نافس على منصب نائب حاكم الولاية، حيث فاز بالانتخابات التمهيدية، ثم انتصر على منافسه الجمهوري «جاي كاتزن» بأزيد من 42 ألف صوت. وتولى مهام منصبه الجديد في 12 يناير 2002، بعد أن أدى اليمين أمام زوجته آن هولتون، رئيسة محكمة الولاية. ومع اقتراب نهاية فترته الدستورية كنائب لحاكم فرجينيا، أعلن كاين أواخر 2005 رغبته في الترشح لمنصب الحاكم، خصوصاً أن الحاكم المنتهية فترته مارك وارنر، يمنعه دستور الولاية من الترشح لفترة ثالثة. ومن دون منافس في الانتخابات التمهيدية، تم اعتماد كاين مرشحاً عن الحزب الديمقراطي. وفي الاقتراع العام فاز بنسبة 51.7? متقدماً على منافسه الجمهوري بأكثر من 100 ألف صوت. وتم تنصيب تيم كاين، في يوم 14 يناير 2006، حاكماً لفرجينيا خلال حفل منظم بمدينة ويليامزبرغ، إذ كان مبنى الكابيتول في ريتشموند قيد الإصلاح، ليصبح أول حاكم للولاية منذ توماس جيفرسون عام 1779، يتولى مهام منصبه في العاصمة الاستعمارية السابقة لولاية فرجينيا. وكحاكم لفرجينيا، صارع كاين الجمهوريين الذين كانوا مهيمنين على المجلس التشريعي للولاية، لتمرير ميزانيتها، ولسن مجموعة من المراسيم والقوانين لحظر التدخين في المباني العامة وفي السيارات المسجلة بالولاية، كما سعى لتغيير قوانين فرجينيا حول حيازة الأسلحة النارية، وفرض فحوصات نفسية دقيقة على الأشخاص قبل السماح لهم بحيازة السلاح الناري. وعلى المستوى الفيدرالي، هاجم كاين سياسات بوش الابن، لا سيما قوانينه لخفض الضرائب، كما اتهم الجمهوريين بالفشل في بناء أغلبية من الحزبين في الكونغرس. وبعد انتهاء مأموريته الثانية والأخيرة كحاكم لفرجينيا، وانسحاب السيناتور الديمقراطي جيم ويب، أعلن كاين ترشحه لمجلس الشيوخ الأميركي ليواجه في عام 2011 السيناتور الجمهوري السابق جيورج آلن، حيث تم انتخاب كاين أخيراً، في نوفمبر 2012، بنسبة 53? من الأصوات مقابل 47? لمنافسه الجمهوري. وفي مجلس الشيوخ أصبح كاين عضواً بلجنة الخدمات المسلحة، وعضواً بلجنة الميزانية، وعضواً بلجنة الشؤون الخارجية، كما ترأس اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية للشرق الأوسط وجنوب آسيا وآسيا الوسطى ومكافحة الإرهاب. وطُرح اسم كاين في 2008، إلى جانب اسم هيلاري كلينتون، كنائب محتمل لباراك أوباما، المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة في حينه، لكن الاختيار وقع أخيراً على جو بايدن. بيد أن كاين أصبح مرشحاً لهذا المنصب على بطاقة هيلاري في انتخابات 2016. ففي 22 يوليو الماضي، أعلنت هيلاري أنها اختارت تيم كاين نائباً لها. الاختيار الذي جاء على ما يبدو بدافع الرغبة في حسم الموقف الانتخابي المتأرجح لولاية فرجينيا بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، خصوصاً أنه سبق للرجل أن أنهى ذلك التأرجح لمصلحة الديمقراطيين في انتخابات الرئاسة عام 2008، وذلك للمرة الأولى منذ عام 1968. وهو ما يمكن أن يتكرر الآن أيضاً، لا سيما أن كاين محبوب في ولايته، ويحظى بسمعة طيبة لدى قطاعات من الناخبين المترددين، كما أن إتقانه اللغة الإسبانية قد يشكل عامل استنهاض إضافياً للناخبين الأميركيين من أصول لاتينية. ولئن سيطرت المناظرة الأخيرة بين هيلاري وترامب على اهتمامات الرأي العام ووسائل الإعلام، فإن المناظرة التليفزيونية الأخرى التي سبقتها بأيام قليلة بين كاين ونظيره المرشح على بطاقة ترامب، أظهرت أنه «رجل متفائل لا يهادن ويؤمن بأنه ليس هناك مشكلة لا يمكن حلها إذا عملنا على حلها»، كما وصفته هيلاري، والتي قالت أيضاً إنه السياسي الذي «لم يخسر في أي انتخابات». فهل يكون ترشيح حاكم فرجينيا السابق فأل خير لهيلاري وللديمقراطيين عموماً؟ محمد ولد المنى