أوضحت مذكرة صدرت يوم الأربعاء الماضي عن «لجنة السوق المفتوحة» المهتمة بدراسة محاضر اجتماع عقدته الخزينة الفيدرالية في شهر سبتمبر، السبب الذي دفع ثلاثة من أعضاء مجلس إدارة الخزينة للانشقاق عن قرار اتخذته الأغلبية بالإبقاء على أسعار الفائدة من دون تغيير. وتقدم هذه المذكرة التي كانت متوقعة، رؤى معمقة حول التطورات الداخلية والخارجية، وتوضح «الغموض غير العادي» للأسواق المالية، وهو الذي ينبغي على صناع القرار الاهتمام به. وتشير المذكرة إلى ضرورة الانتباه لمدى الصعوبة التي بات يتطلبها الإبقاء على المستوى العالي من القناعة فيما يتعلق بالسياسة المالية الصحيحة في وقت نشهد فيه الأداء السلس ضمن البيئة الاقتصادية والمالية والسياسية والمؤسساتية الراهنة. ويتفق مسؤولو الخزينة الفيدرالية على أن سوق العمل يواصل تحسنه، وأنه من المرجح أن يحافظ على هذه المكاسب في الفترة المقبلة. ونتيجة لذلك، فإنه من المتوقع أن يواصل النشاط الاقتصادي توسعه «وفق معدل متوسط». واتفق صناع القرار أيضاً على أن الأوضاع الاقتصادية الخارجية، بما فيها الصدمات التي أعقبت التصويت لمصلحة الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي، كانت أقل انطواء على الخطورة مما كان متوقعاً. ويضاف إلى ذلك ما أشارت إليه المذكرة من أن «الأوضاع المالية العالمية تحسنت نوعاً ما خلال الأشهر القليلة الماضية». وعندما نمعن النظر في التفاصيل المتعلقة بالتطورات التي يشهدها سوق العمل في الولايات المتحدة، فسوف نجد أن المسؤولين أشاروا بشكل صحيح للحاجة إلى إعادة النظر من جديد في «الأنماط المختلفة للبطالة في أوساط المجتمعات المقسمة بناء على العنصر أو العرق والتي لا زالت قائمة حتى الآن». وبدا وكأن البنوك المركزية ظهرت موحدة في اعترافها بالظاهرة التي تجتذب الآن الكثير من الاهتمام التحليلي خلال الأرباع السنوية، وهي: «الهبوط الواضح المسجل خلال السنوات الأخيرة في السعر الحيادي الحقيقي للفائدة». (المعروف بالرمز r* وهو السعر المرجعي المتوازن أو سعر التمويل الفيدرالي الذي لا يساهم في تحفيز أو تقييد كل من النمو ومعدل التضخم الثابت). وبالرغم من ذلك فإن المسؤولين الماليين يستقرئون العوامل المؤثرة في انخفاض السعر الحيادي الحقيقي للفائدة. ويقال إنهم لا يوافقون على مقدار انخفاضه، ولا على المدى الزمني لذلك الانخفاض. وهذا يقودنا إلى البحث في مجالات لم يتوصل المسؤولون إلى نظرة مشتركة حولها. واختلف المسؤولون الماليون فيما بينهم حول مناحي القصور في القوة العاملة. ورأى بعضهم أن سوق العمل لم يعد يعاني إلا من مستوى منخفض أو معدوم من الركود. وفي المقابل، يشعر عدد كبير منهم بوجود الكثير من المجالات التي تتطلب إعادة البحث. ومن الواضح أن تقرير العمل عن شهر سبتمبر الذي نشر بعد اجتماعهم، لا يساعد على حلّ مشكلة هذا الاختلاف في وجهات النظر القائم بينهم. وتعكس هذه الفجوة المتباعدة في الآراء المتعلقة بالموضوع أكثر بكثير من المشاكل المتأصلة التي تحول دون التوصل إلى أحكام مناسبة حول الفوائد الكامنة في زيادة معدل مشاركة القوة العاملة في الاقتصاد، وهو المعدل الذي لا يزال لسوء الحظ قريباً من مستويات الانخفاض التي كان عليها قبل عدة عقود. وهناك أيضاً شكوك كبيرة حول العملية التي يجري تنفيذها الآن والتي ترمي إلى إعادة تحديد سلّم الأجور وخاصة على خلفية التأثير المتزايد للتكنولوجيا على طبيعة العمل. محمد العريان * * رئيس المجلس العالمي للتنمية التابع للرئيس أوباما ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»