الأوضاع الاقتصادية في إيران سيئة جداً حالياً لأسباب كثيرة أهمها السياسات المتبعة في إدارة شؤون الدولة والمجتمع، خاصة على صعيد السياسة الخارجية التي تخسر إيران بسببها الكثير منذ قيام الثورة الخمينية عام 1979، ورغم أن أحد الأسباب الرئيسة لتدهور الأوضاع الاقتصادية هذه الأيام هو تدني أسعار النفط الخام الذي تصدره إيران، فإن السياسات الإيرانية المتبعة تجاه العالم الخارجي والقائمة على تصورات خاطئة بإمكانية تصدير الثورة ودعم الإرهاب تتسبب في معظم المشاكل الاقتصادية التي تعانيها إيران كدولة، ويعانيها شعبها كأفراد مستضعفين يدفعون أثماناً باهظة لسياسات خاطئة قائمة على الوهم والتصورات الخاطئة لطبيعة مجريات أحداث العالم في هذه المرحلة من تاريخه. منذ قيام الثورة وحتى الآن والشعب الإيراني يعاني اقتصادياً وبشكل لافت للنظر، ففي بعض مناطق إيران النائية، خاصة مناطق البلوش والأكراد والأفغان والتركمان وصل البشر إلى شفا المجاعة والنظام الحاكم عاجز عن أن يقوم بإجراءات فاعلة لإنقاذهم، والواقع أن تدهور الاقتصاد بالنسبة إلى النظام معضلة هيكلية يصعب حلها، فالدخل من الصادرات النفطية وصل إلى ربع ما كان عليه عند قيام الثورة، في الوقت الذي تضاعفت فيه أعداد الكثافة السكانية، ووصل فيه استهلاك الوقود إلى أكثر من الضعف. ومن أهم المشاكل التي يواجهها نظام أصحاب العمائم حالياً مشكلة تذمر الإيرانيين من مستويات المعيشة المتدنية جداً والناتجة عن سوء السياسات الاقتصادية المتبعة.. لقد بلغ الحد الأعلى للأجور ما يعادل نحو 20 درهماً إماراتياً في اليوم في أحسن الأحوال، ويتقاضى أعلى الإيرانيين تعليماً كأساتذة الجامعات والأطباء والمهندسين أجوراً متدنية جداً تبلغ في أقصاها ألف درهم إماراتي شهرياً، في الوقت الذي بلغت فيه نسب التضخم معدلات عالية قلما يحضر مثيل لها في دول المنطقة التي لا تعاني حروباً أو مشاكل سياسية. ما أوصل إيران إلى هذه الحالة هو التخبط الذي مرت به البلاد على جميع الصعد، خاصة الاقتصادية منها عندما بدأ النظام في اختراع وسائله الخاصة في إدارة الأمور، ما أدى إلى حدوث اختلالات تصعب معالجتها، ولكي تعود المسائل إلى أوضاعها الطبيعية اقتصادياً تحتاج إيران إلى إصلاح مجموعة من الجوانب الهيكلية، التي يخرج الكثير منها عن قدرة النظام الحاكم الحالي على تحقيقها بما في ذلك أسعار مرتفعة للصادرات النفطية، وسعر صرف معقول للعملة المتدهورة، والتقليل من تدخل الدولة في إدارة الاقتصاد، والقضاء على الفساد المالي والإداري المستشري، وإجراء عمليات خصخصة للعديد من المشاريع الاقتصادية الفاشلة التي تمتلكها الدولة، وتحويل الأموال المهدورة على التسلح النووي نحو مشاريع مفيدة للإيرانيين. كل هذه الأمور تحدث وأصحاب النظام مشغولون حتى النخاع بشعارات تصدير ثورتهم، والعديد من أجهزة الدولة مشغولة بمعاداة الجيران والتدخل في شؤونهم الداخلية واحتلال أراضيهم، هذا بالإضافة إلى العديد من الممارسات الخاطئة حول العالم بدءاً بالخليج العربي مروراً بالعراق وسوريا ومصر والسودان وفلسطين، وانتهاء بدول أوروبا وأميركا اللاتينية.. هذه الأوضاع تجعل جميع جيران إيران في الخليج العربي وغيره من المناطق قلقين من نواياها الآنية والمستقبلية، ورغم ما يتشدق به العديد من الساسة الإيرانيين بعد كل انتخابات رئاسية تجري بأن بلادهم تسعى إلى علاقات سوية مع جيران إيران من دول مجلس التعاون الخليجي، فإن ما تتمخض عنه ممارساتهم ومواقفهم اللاحقة يدحض كل ما يقولونه، ويجعل الأوضاع تسير من سيئ إلى أسوأ، سواء كان ذلك من استمرار إيران في احتلال جزر الإمارات الثلاث أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، أم ما يحدث من ممارسات عنف مشينة في البحرين، أم من مواقف تجاه المملكة العربية السعودية.. نتمنى أن تعود إيران إلى رشدها رأفةً بشعبها المظلوم.