احتمال وجود دونالد ترامب في البيت الأبيض يُعرّض الأميركيين من أصل أفريقي لأكثر الانتخابات الرئاسية أهمية منذ سباق عام 1876 بين «الجمهوري» «رذرفورد هايز» و«الديموقراطي» «صامويل تيلدن». هذا السباق الذي شهده القرن الـ19 أدى في نهاية المطاف إلى عرقلة الجهود الرامية إلى تمديد الحقوق والمزايا الكاملة للمواطنة بالنسبة للأميركيين الأفارقة المحررين، وما لم يفعل الأشخاص الملونون شيئاً حيال ذلك، ربما يعيد التاريخ نفسه. وللتذكير، انتهت انتخابات 1876 بنزاع في المجمع الانتخابي حول نتائج الاقتراع في ثلاث ولايات جنوبية تحت سيطرة قوانين عصر إعادة الإعمار، وللخروج من المأزق، اجتمع النواب «الجمهوريون» مع وفد من «الديموقراطيين» الجنوبيين للتوصل إلى اتفاق: ألا يقف الجنوبيون في طريق فوز «هايز» إذا وافق على سحب جميع القوات الفيدرالية من الجنوب، وبذلك يتركون العبيد السابقين دون حماية. ومن دواعي السخرية، أن هذه التسوية (التضحية بالمبادئ لقاء المال)، والتي أطلق عليها تسوية 1877، حدثت في مقاطعة كولومبيا في فندق «ورملي» الذي يملكه رجل الأعمال الأسود «جيمس ورملي». ووجه «هايز» الضربة القاضية للتجربة الديموقراطية ما بعد عصر العبودية تحت حكم أبراهام لينكولن، لكنه لم يقتل عصر إعادة الإعمار بمفرده، فقد كان هذا العمل نتاج مزيج من الإجراءات القضائية والتنفيذية، علاوة على العنصرية المتأصلة، وفي هذا درس يمكن تطبيقه على ظروف اليوم. كان الأمل حياً آنذاك، حيث وقّع لينكولن التعديل الـ13 الذي يُحرّم العبودية. أما التعديل الـ14 فقد اعتمد منح الجنسية للسود وضمان المحاكمة العادلة والحماية المتساوية. ومنح التعديل الـ15 للرجال السود حق التصويت، وأقر الكونجرس قانون الحقوق المدنية لعام 1875 والذي يمنح الأميركيين الأفارقة حقوقاً متساوية في المرافق العامة. وقد جلب كل هذا الفرحة، تماماً كما حدث مع قانون إلغاء الفصل العنصري في المدارس لعام 1854، وقوانين الحقوق المدنية وحقوق التصويت في ستينات القرن الـ19. وكما هو الحال مع المحتفلين السود اليوم، فقد كان لدى الأميركيين الأفارقة في عهد «إعادة الإعمار» أسبابهم للشعور بالتفاؤل بشأن المستقبل، ولكن بعد ذلك، كما يحدث الآن، ساعدت المحكمة العليا على إبطال ما حصلوا عليه من مكاسب. فالمحكمة أعلنت أن قانون 1875 غير دستوري، وحكمت بأن الكونجرس كان يفتقر إلى السلطة في ظل التعديل الـ14 الذي يمنح حماية متساوية للسود في ظل القانون – وأن الولايات والحكومات المحلية هي فقط التي يمكن أن تفعل ذلك. ومن خلال أحكام أخرى، أطلقت المحكمة النار على حماية الحقوق المدنية لعقود قادمة. وقوض «أندرو جونسون»، الذي تولى الرئاسة بعد اغتيال لينكولن، أيضاً الإجراءات الإيجابية في عصر إعادة الإعمار، فقد أعطى الولايات الكونفيدرالية السابقة الحرية في إدارة شؤونهم، ما سمح لهم بسن قوانين سوداء بالنسبة للعبيد السابقين. وكان رد فعل البيض عنيفاً ضد التغييرات في النظام الطبقي العنصري، الأمر الذي غرس الخنجر في قلب الثورة السياسية للينكولن. وتم استبدال أنظمة عصر إعادة الإعمار بأنظمة سياسية واجتماعية تمييزية وضعها البيض، والتي تم فرضها بقوة من قبل القانون والعرف لما يقرب من مائة عام. واستغرق الأمر عقوداً من الاحتجاجات والإجراءات القانونية والتشريعية والكثير من الضحايا من البيض والسود لكي تبدأ الأمة في إدراك وعلاج إرث العبودية. فلماذا هذه الذكرى لأشياء حدثت في الماضي؟ لأن البيت الأبيض في ظل رئاسة ترامب يعد بتكرار الجانب المظلم من أميركا. ترامب غير منضبط ويبالغ ويكذب دون خجل ويجسد الرجولة المتوحشة لكنه في الواقع غير شجاع ينتقد المرأة، ويحتقر الأقليات. كولبرت كينج كاتب أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»