بمناسبة مرور 125 عاماً على مولده، حريٌّ بنا تذكر إحدى حكمه، يقول شارلي شابلن: (لا شيء يدوم في هذا العالم حتى مشاكلنا). وأضيف: وكذلك قانون «جاستا» سيئ النوايا لن يدوم. هذا ما أردت نقله حرفياً للسيدة «ستيفاني روس»، قبل وصولها المحكمة الفيدرالية في واشنطن دي. سي، أو نيويورك، إلا أن السيدة كانت في سرعة من أمرها، تدفعها إلى ذلك أسباب عدة، من بينها رغبتها أن تكون السيدة الأميركية الأولى التي رفعت دعوى قضائية، ضد إرهابيين تسببوا بوفاة زوجها الضابط «باترك دون»، ظهيرة 11 سبتمبر 2001. كُنتُ أريد مواساتها بصدق لجبر قلبها المكسور على فراق «باتريك»، وآخرين كثر معها، كانوا قد ثُكلوا بأحبائهم في تلك الأحداث المرعبة، المدانة والمشينة بالنسبة لنا نحن العرب تحديداً، ومعنا جزء كبير من العالم، إذ لا يمكن تصوّر، أن هنالك من تسرّهُ رؤية الناس الأبرياء يقتّلون وتزهق أرواحهم. لا أحد بالتأكيد. وكنتُ سأبدي لمدام باترك، حرصي الشديد على وقتها من الضياع، في قضية قد تأخذ أعواماً من عمرها. وحرصي الأشد على معاناتها النفسية بسبب أحلام المال التي ستقتحمها لا محالة، بعد قليل من توقيعها على الدعوى. كنتُ سأقول لها - قبل أن يدركها محاميها - أن عليها تحديد المسؤول بدقة عن وفاة زوجها، لعلمي أن ذلك الأمر الذي يحمل أهمية خاصة بالنسبة لها ولنا جميعاً، كان ولا يزال صعباً، إذ لم تستطع إثباته عام 2014 لجان التحقيق الأميركية المختصة وحتى الساعة، ورغم أن مياهاً كثيرة جرت تحت الجسر، بقي السؤال المطروح على السيدة «ستيفاني»: هل الذين قتلوا السيد «باترك»، زوجك، هم أفراد ترعاهم دول، أم أفراد ضالون خارجون في الأساس على دولهم؟ أنت تعلمين سيدة «ستيفاني»، أنه ليس بالضرورة ولا بالعقل، أن تؤخذ الدول بوزرِ الأفراد، حتى وإن كانوا يحملون جنسيتها، وأحسب أنك توافقينني أن في كل مجتمع يوجد أناس خارجون على السوية البشرية، ويتسببون للعالم بإرباكات حضارية وصدمة ثقافية، ولا تؤاخذيني إن قلت لك إنه «لا يخلو بيت من برميل مهملات». نعم، وبالتالي فإنه ليس من المنطق، أن يمنح أمثال الضالين هؤلاء، فرصة جر دولهم إلى المربعات القذرة التي استهواهم التمرّغ فيها، بسبب تهيؤات ودوافع تقوم في أغلبها على الخرافات والأساطير: سيدة ستيفاني عليك التأكد من هذه المسألة جيداً، سيما وأنت اليوم أم لفتى عمره بتقديري 15 عاماً، هو عمر ذكرى سبتمبر الأليمة والمحزنة، لا تدعي كلام العامة ومعهم المحامون اللاهثون من أجل حفنة دولارات، أن يستدرجوكِ إلى مكاتبهم الأنيقة، ليخلطوا عليك الأوراق، فهنالك فرق كبير بين القتل المُعلن الذي تقوم به الدول الكبرى - ولا أريد هنا ذكر الحروب غير الشرعية التي قامت بها تلك الدول مع سبق الإصرار والتخطيط - وبين القتل غير المُعلن الذي يقوم به فرد أو مجموعة أفراد بجنح الظلام. سيدة «ستيفاني»، الصدق ما أقوله لك، إنه على قدر ما ابتهجتِ لصدور قانون «جاستا»، نحن في هذه المنطقة من العالم، لم نرتجف خوفاً، ولم نشعر أن الأرض تتزلزل تحت أقدامنا، بل كل ما حدث أننا شعرنا بالأسف، ونوعاً ما بالأسى، فصدوره لا علاقة له بالذكاء السياسي أو حقوق البشر، بقدر ما علاقته جيدة جداً بالابتزاز والمكائد. لا تتفاجئي سيدة «ستيفاني» إن قلت لك، إننا في هذه المنطقة من العالم، قد تهيأنا ومعنا الصبر، وآخرون في القارات الثلاث، أفريقيا وأميركا اللاتينية وجزء كبير من آسيا.. تهيأنا لحماية تطبيق قانون جاستا لكن على الجميع وبلا استثناء، بضمنهم بلد المصدر، أميركا.