كلما اتسعت أراضي وحدود الدول البرية والبحرية زادت قوتها ومناعتها وتعددت مواردها الطبيعية، والأمثلة كثيرة. ونحن هنا نفترض استمرار الصراعات والتوترات بين دول الخليج العربية وبين إيران حول الموارد الطبيعية في الخليج مع استمرار احتلال إيران للجزر الإماراتية، فربما نشهد محاولات من إيران لفرض قوتها من أجل السيطرة على الموارد الطبيعية، أو أخذ نصيب أكبر من حقها، وذلك باندفاعها وبسط قوتها العسكرية ونفوذها المذهبي الإقليمي. افتراضنا هذا يقوم على منطلقات ومؤشرات، فالمنطلقات تأتي من خلال الموقع الجغرافي لإيران الذي يجاور بحرياً جميع دول الخليج السبعة «دول مجلس التعاون الخليجي والعراق»، وكما أن إيران تتميز بأنها تجاور العراق برياً، مع تحكم إيران بمضيق هرمز بالجهة الشمالية، والمنطلق الثاني هو ميزان القوى البشرية والعسكرية إضافة إلى النفوذ المذهبي في بعض الدول العربية «العراق، سوريا، لبنان، اليمن، وأيضاً في بعض التجمعات الشيعية بدول الخليج العربية، فكل ذلك يقود إيران إلى تحقيق منظور جيوسياسي يبسط سطوته على الموارد الطبيعية في الخليج، مع استمرار احتلال الجزر الإماراتية ورفض أي حل في هذه القضية، كما أن الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 5+1 عزز وفك القيود على القوة الاقتصادية والعسكرية الإيرانية في الخليج. بعد تلك المنطلقات نأتي إلى المؤشرات في السلوك الإيراني، وهنا سوف نتبع مؤشراً تلو المؤشر حول سلوك إيران نحو الصراع حول الموارد الطبيعة، ففي ديسمبر 2009 قامت قوات إيرانية بإنزال العلم العراقي على أحد آبار حقل الفكة في «محافظة ميسان العراقية» ورفعت مكانهُ العلم الإيراني، وذلك يُعد مؤشراً خطيراً على تجاوز السيادة العراقية رغم الانسحاب الإيراني منه لاحقاً. بعد الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 5+1، بدأت أزمة حقل «الدرة» من خلال طرح وزارة النفط الإيرانية مسودة مشروعين أمام الشركات الأجنبية لاستخراج النفط والغاز من حقل الدرة، حيث سارعت الكويت إلى اتهام طهران بتجاهل رفضها لأي مشاريع تطوير في الحقل قبل ترسيم الجرف القاري في مياه الخليج، ويدور الجدل حول هذا الحقل، فهناك من يقول حقوق الحقل بين الكويت والسعودية فقط، وهناك من يُدخل إيران في جزء بسيط منه. لنعرض حقيقة أن هناك عقدة فارسية من العرب، تتضح تلك العقدة من كون إيران لها صراع حاد مع جوارها من الدول العربية، على عكس الدول الأخرى المجاورة لها، وهو الذي يبدو جلياً في الخطاب السياسي لإيران، الذي يحمل تصريحات خاطئة ومعادية، على سبيل المثال، تقول طهران إن المطالبة بالجزر الثلاث الإماراتية يقود إلى مطالبة إيران بالبحرين، والبحرين دولة عربية دون أي شك في ذلك، وتارة أخرى تُصر إيران بأن الجزر الثلاث هي جزر فارسية وترفض الحجج والوثائق التي تثبت عروبتها. وعلى حقيقة أن أمن الدول التي تشترك في منطقة جغرافية معينة تعتمد على توفر حالة من توازن للقوى بين أطرافها، فإيران إنْ لم تشعر بوجود توازن للقوى في الخليج، فمن المرجح أن يقود ذلك إلى سطو وتعدٍّ إيراني على حقوق الآخرين في دول الخليج، مثال ذلك بعد تحرير الكويت وتدمير القوة العراقية تعدت إيران على اتفاقها حول جزيرة أبو موسى، حيث كان هناك تقاسم مع إمارة الشارقة وقامت بتغيير الطبيعة الديموغرافية للجزيرة بشكل خطير جداً، جدير بالذكر أن هناك حقلاً نفطياً قريباً من جزيرة أبوموسى يتبع إمارة الشارقة «وهو حقل مبارك». فإيران لها مع جميع دول الخليج خلافات وتوترات في الحدود البحرية باستثناء عُمان، التي وقعت معها اتفاقية نهائية لتعيين الحدود البحرية المشتركة. كما أن إيران تدعي كذباً وزوراً بأن قطر تأخذ أكثر من نصيبها في حقل الغاز المشترك بينهما (حقل الشمال) على الرغم من تأكيد الجيولوجيين المختصين بأن التركيبات المعقدة للطبقات الأرضية في الخليج تجعل من المستبعد استغلال أي دولة أكثر من حصتها. أخيرا ننظر باستغراب لدور الولايات المتحدة الأميركية في مستقبل منطقة الخليج، فهل هناك إعادة لاستراتيجية شرطي الخليج بعمامة مذهبية بدلاً من قبعة الشاه العلمانية، وهو الأمر الذي يتماشى مع الرغبة الأميركية في تقليص تدخلها في العالم لحفظ أمن الأقاليم والدول، حيث نشهد تسليم أمن العراق لإيران مع حفظ مصالح واشنطن، وتشابك محدود بين القوات الأميركية والإيرانية في الخليج، وعدم إسقاط نظام بشار من قبل واشنطن لصالح طهران وموسكو، ووجود اتفاق حول النووي الإيراني، مع وجود خلاف أميركي سعودي حول قانون «جاستا»، أم نقيض ذلك، ستبقى واشنطن العامل الحاسم في تحقيق الأمن المقبول في منطقة الخليج الغنية بالنفط والغاز.