ضرورة تعديل قانون «جاستا».. وحملة الصحف ضد ترامب! لوفيغارو في جريدة لوفيغارو نشر الكاتب إيفان ريوفول مقالاً بعنوان: «أفكار جديدة لفرنسا غير جامحة»، بدأه بالإشادة الضمنية بالأطروحات الشعبوية اليمينية للمرشح الرئاسي الأميركي دونالد ترامب، معتبراً مع ذلك أن ترامب كان مبتذلاً بشكل مزعج حين خاطب منافسته هيلاري كلينتون في مناظرة يوم الاثنين الماضي قائلاً: «لقد آن الأوان لأن يقود البلد شخص يعرف [كيف يجمع] النقود»! وفي هذا السياق تقفز إلى الذهن أيضاً بعض مزاعم القيادي اليميني الفرنسي «آلان جوبيه» حين يتحدث متبرماً مما يعتبره «رداءة السجال السياسي» في فرنسا، معتبراً أنه هو «الوحيد الذي يستطيع إلحاق هزيمة عريضة بمارين لوبن»، محاولاً بذلك تقديم الخطاب الشعبوي على أنه عدو للأمة، وأنه هو المنقذ المنتظر القادر على مواجهة مخاطر هذا الخطاب! والحال، يقول الكاتب، إن غياب الأفكار الجديدة والخلاقة بات ظاهرة مقلقة وملاحظة بوضوح على جانبي الأطلسي، سواء هنا في أوروبا، أم هناك في أميركا! ولكن محازب «جوبيه» الرئيس السابق نيكولا ساركوزي زعيم حزب الجمهوريين الفرنسي قال في المقابل: «أتمنى أن تفوز هيلاري كلينتون»، مؤكداً أن هذا الخيار هو الأقرب إلى الصحة من وجهة نظر سياسية بحتة. ومن هنا يرى البعض أن أنصار ترامب يستمدون نوازع دعمهم له من دوافع الاستياء والغضب، في حين أن المناهضين له ينطلقون هم أيضاً من اعتبارات ذات صلة بالخبرة، أو التموقع السياسي. غير أن الكاتب اليميني يرى أن حالة استياء الشعوب ونقمتها على أنانية الطبقة السياسية باتت عنواناً كبيراً لمشاعر شعبية واسعة ومشتركة في الولايات المتحدة وأوروبا معاً. وحالة الرفض للنخب السياسية التقليدية تمثل بداية انقلاب ديمقراطي. بل إن مختلف أقاليم أميركا تشهد الآن صعود ما يشبه «جيشاً» حقيقياً من الناقمين وسط ذهول النخب السياسية التقليدية التي أخذت على حين غرة. وذات التمرد الشعبي موجود الآن أيضاً في فرنسا وتقوده الشرائح المنسية والمسحوقة دون رحمة تحت عجلات اقتصادات العولمة. وفي سياق التهويل من حجم الغضب الشعبي، أو بالأحرى الشعبوي في أوروبا وأميركا، ينقل «ريوفول» عن عالم الجغرافيا «كريستوف غويي» قوله إن «الطبقات الشعبية كسرت [أوهام] الطبقة السياسية والثقافية»، بمعنى أنها قد تجاوزت كل ما تقدمه النخب من مشروعات وما تقترحه من رؤى لكيفية مواجهة استعصاءات الحاضر وكسب رهانات المستقبل. بل إن ما تعتبره النخبة السياسية التقليدية نزعة شعبوية هو في الحقيقة صعود جارف لثورة يمينية: تريد إحداث قطيعة كاملة مع تبعات نزع الهوية الذي كرسته النظم الحاكمة في الغرب. ولا يبقى الآن سوى ملء الرؤوس الفارغة بهذه الحقيقة، وإقناع النخب السياسية بها. وأما الاكتفاء بوصف ترامب بأنه أحمق، أو عنصري أو حتى فاشي، كما نرى في الإجماع الإعلامي الآن، فهذا رهان خاسر في نهاية المطاف، كما أنه لا يغير أيضاً شيئاً من حقيقة صعود المد اليميني المحافظ في أميركا وأوروبا معاً. ليبراسيون وعلى ذكر ترامب وهيلاري نشرت صحيفة ليبراسيون اليسارية مقالاً للصحفية «إيستل باتي» عن تداعيات وتقييمات المناظرة الأولى بين المرشحين الرئاسيين الأميركيين التي أجريت مساء يوم الاثنين الماضي، ومواقف الصحافة الأميركية من ذلك، وقد جاء المقال تحت عنوان: «على الورق، هيلاري كلينتون تفوز بالمعركة الإعلامية»، مبرزة في هذا الصدد كون المرشحة الديمقراطية تحظى بتأييد واسع من قبل الصحف الأميركية التي تناوئ بشدة منافسها دونالد ترامب. وقد بدأت الصحف الأميركية شيئاً فشيئاً تفصح صراحة عن مرشحها المفضل، في الانتخابات الرئاسية المقررة في 8 نوفمبر المقبل. ومن اللافت أن مواقف بعض الصحف جاءت مفاجئة بعض الشيء، حيث دعت صحيفة «يو إس توداي» مثلاً قراءها للتعبئة من أجل وضع جدار صد يمنع فوز ترامب. وثمة جديد آخر أيضاً تمثل في مواقف بعض الصحف المحلية الأميركية المعروفة عادة بخطها اليميني، إذ أعلنت الآن مع تقدم الحملة رفضها الشديد لتأييد ترامب، ودعوتها لإسقاطه في الاستحقاق الانتخابي. وفي هذا السياق أكدت الواشنطن بوست أن ترامب لم ينل حتى الآن تأييد أي صحيفة يومية أميركية. ولم يؤيده في عالم الصحافة سوى أسبوعيتي «ذا ناسيونال أنكوايرر» و«ذا نيويورك أوبسيرفر» وهذه الأخيرة يملكها صهر ترامب، وهذا هو سبب تأييدها له في الحقيقة. بل إن المرشح التحرري غاري جونسون، الذي تعطيه استطلاعات الرأي 5 في المئة فقط من نوايا الاقتراع، يبدو متقدماً على ترامب لجهة استقطاب دعم الصحافة الأميركية. ويكفي للدلالة على حالة الإجماع في هذه الحملة في صفوف الصحف المناهضة لترامب أن صحيفة «يو إس توداي» الشعبية لم تتخذ طوال عمر صدورها الممتد لـ34 عاماً موقفاً صريحاً من حملة انتخابات رئاسية قبل إعلانها الآن التعبئة ضد ترامب دون قيد أو شرط. وفي المجمل تتوقع الكاتبة أن تكون لمواقف الصحافة الأميركية الحاسمة ضد ترامب تداعيات مؤثرة بقوة على الرأي العام الأميركي بشكل يتوقع أن يقلص فرص فوزه في استحقاق 8 نوفمبر الرئاسي المقبل. لوموند نشرت صحيفة لوموند أول من أمس الجمعة افتتاحية بعنوان: «قانون جاستا: عاصفة بين الرياض وواشنطن»، قالت في مستهلها إن تمرير الكونجرس الأميركي لما يسمى «قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب» المعروف اختصاراً باسم «جاستا»، يتوقع أن تكون له تداعيات سلبية على علاقات أميركا مع أبرز حلفائها في العالم العربي، المملكة العربية السعودية. كما أن القانون المذكور من شأنه أيضاً إضعاف وإرباك موقف الولايات المتحدة الدبلوماسي وعلاقاتها والخارجية. وقد شكلت مساعي المشرعين في الكونجرس لتحدي «فيتو» الرئيس أوباما كابوساً أرّق البيت الأبيض وبقية أفرع الإدارة الأميركية الأخرى سواء في وزارة الخارجية، أو في وزارة المالية أو البنتاغون. ويفتح تمرير الكونجرس لهذا القانون، على رغم رفض البيت الأبيض، الباب عريضاً أمام فوضى وإرباك قانوني- دبلوماسي غير مسبوق، بحسب رأي البيت الأبيض. أولاً لأن بلداناً عديدة أخرى يمكن أن ترد هي أيضاً باتخاذ مواقف مماثلة، من باب الدفاع عن مصالحها والمعاملة بالمثل. هذا زيادة على أن قانون «جاستا» صيغ أيضاً بعبارات فضفاضة للغاية. ويمكننا الآن أن نتخيل أميركيين من أصول أوكرانية يرفعون دعاوى ضد روسيا، وآخرين من أصول إيرلندية يرفعون دعاوى ضد المملكة المتحدة، وفي كل مرة يبادر القاضي المحلي الأميركي بإصدار أمر بتجميد الأرصدة بالدولار الخاصة بالدولة المعنية! ثم إن السعودية هي أقوى حليف للولايات المتحدة منذ سنة 1945. وقد خلصت لجنة تحقيق الكونجرس من قبل إلى عدم وجود أي صلة للسعودية أو السلطات العليا فيها بأحداث سبتمبر. ومن هنا ترى الصحيفة أن قانون «جاستا» لابد أن يعدله المشرعون الأميركيون ويجروا عليه تغييرات جوهرية في النهاية، وإن كان أثره السلبي قد ألحق ضرراً سلفاً بالعلاقات السعودية- الأميركية. إعداد: حسن ولد المختار