أكد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أهمية أن ترتكز العلاقات الخليجية الإيرانية على مبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل، وأن تتم تسوية الخلافات الخليجية الإيرانية عن طريق التفاوض والحوار. وشخصياً، أُرحب بأي دعوة للحوار والمصالحة، فهي خطوة -إن تمت- تصب في مصلحة الجانبين العربي والإيراني، لاسيما إذا أفضت إلى إنهاء الخلافات التاريخية بين عرب الخليج وإيران. لكن خطوة كهذه تتطلب الدراسة والتمهيد لها بفرش الأرضية السليمة لضمان نجاحها، وهذا بدوره يتطلب النية الصادقة من الطرفين لحل الخلافات العالقة. والسؤال البديهي الأول الذي أود طرحه على جانبنا في الخليج العربي هو: هل نحن مستعدون للحوار؟ وهل لدينا رؤية خليجية مشتركة لمواجهة الطرف الإيراني الذي يشهد له الجميع بطول البال والمراوغة والنفس الطويل في المفاوضات، كما اتضح جلياً خلال مفاوضاته مع الدول الغربية حول مشروعه النووي؟ حتى الآن، ولأسف الشديد، لا نملك نحن عرب الخليج رؤية مشتركة تجاه إيران، بل تكاد كل دولة فينا تكون لها قضاياها ومصالحها الخاصة مع إيران، وهي تريد ضمان مصالحها أولاً ضمن أي حوار أو مصالحة. ويأتي على رأس القضايا الخلافية مع إيران موضوع الجزر الإماراتية المحتلة الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى) ورفض إيران الذهاب إلى التحكيم الدولي لحل الخلاف بشأن هذه الجزر، وكذلك بشأن الجرف المائي في الخليج. كما أن ثمة خلافاً خليجياً مع إيران بسبب تدخلاتها في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين تحت ذريعة الدفاع عن الشيعة هناك! إن وضعنا الخليجي اليوم ليس قوياً بما فيه الكفاية، فنحن نواجه مشاكل مع الإرهاب، كما تواجه بعض بلداننا مشاكل مالية واقتصادية واجتماعية بسبب انهيار أسعار النفط.. هذا علاوة على ما يعترضنا من صعوبات في مساعدة إخوتنا العرب في كل من سوريا والعراق ولبنان وليبيا واليمن.. على حل مشكلاتهم وإنهاء حروبهم الداخلية التي تلعب إيران دوراً رئيسياً في إشعال بعضها، وذلك بدعمها بعض الميليشيات الحزبية في عدد من هذه الدول. الخليج اليوم محاصر من قبل إيران التي تدعمها موسكو وواشنطن، والخليجيون على ما يبدو عاجزون عن فرض رؤيتهم حول ما يجري في سوريا واليمن والعراق ولبنان، وذلك منذ أن تركنا كل أوراقنا بيد الحليف الاستراتيجي الأميركي الذي لديه تحفظاته على سياساتنا الداخلية والخارجية. الولايات المتحدة والدول الغربية تريد من بعض البلدان الخليجية ترتيب أوضاعها الداخلية بتعزيز المشاركة السياسية لضمان الأمن والاستقرار ومنع بروز جماعات إرهابية متطرفة تهدد الأمن والسكينة في الخليج. لقد أعلنت الولايات المتحدة مراراً أن أمن الخليج من أي اعتداءات خارجية هو مسؤولية أميركية بالدرجة الأولى.. لكن ضمان الأمن الداخلي للدول الخليجية يقع ضمن مسؤوليات هذه الدول، وهذا يتطلب «إصلاحات» وفق الرؤية الأميركية! إيران كدولة كبيرة في المنطقة، تسعى لتحقيق مصالحها، وهذا أمر مشروع مبدئياً، لكن ليس على حساب مصالح دول الخليج وسيادتها الوطنية. فإيران تحاول استغلال بعض التغيرات والسلبيات، مدعية الدفاع عن حقوق الأقليات الشيعية. وأمام هذه الادعاءات، علينا في الخليج أن نرسخ مفهوم المواطنة التي عمادها دولة القانون وحقوق الإنسان والمساواة على أساس حقوق المواطنة وليس الانتماء الديني أو الطائفي أو القبلي.. وهذا يتحقق بدولة مدنية قانونية.