لطالما عُرفت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ نشأة اتحادها على يد المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، بأنها دولة القانون التي تضع أطراً تشريعية وقانونية واضحة وشفافة تنظم آلية العمل في شتى المجالات والأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وقد سارت الدولة على النهج ذاته في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، فلم تُعنَ الدولة بالتنمية والتطوير وجلب الاقتصادات والتكنولوجيات المتطورة إلى أرضها فقط، بل وضعت الأساس القانوني والتشريعي الذي ينظم كل ذلك نصب أعينها، وذلك إيماناً بأن الدول لا تتقدم حضارياً واقتصادياً بالعلم والتكنولوجيا فقط، بل تتقدم في إطار قانوني مرن وشفاف يسهل مزاولة الأعمال وأوجه الحياة كافة، وقد جعل هذا من الإمارات دولة متقدمة لها مكانتها على الصعيدين الإقليمي والدولي، قادرة على استيعاب أي تطور من دون تخوف على أمنها، فضلاً عن أنها باتت بيئة اقتصادية وسياسية مستقرة وآمنة وجاذبة في ظل ما يعانيه العالم على الصعد كافة. وفي إطار توفير بيئة تشريعية متكاملة، توقع معالي عبيد بن حميد الطاير، وزير الدولة للشؤون المالية، أن يكون قانون «الإفلاس» الذي أقره مجلس الوزراء في 4 سبتمبر الجاري موضع التطبيق والتنفيذ مع بداية العام المقبل، مشيراً إلى أن هذا القانون سيطبَّق على الشركات كافة بمختلف أنواعها بعد ثلاثة أشهر من نشره في الجريدة الرسمية. وقال معاليه خلال استعراضه القانون في إحاطة إعلامية عقدتها الوزارة في مقرها في أبوظبي مؤخراً «هذا القانون جاء بفضل التوجيهات الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، ومتابعة أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، ليشكل إضافة مهمة إلى المنظومة التشريعية الإماراتية. ويتضمن القانون تشكيل لجنة دائمة تسمى «لجنة إعادة التنظيم المالي» بموجب قرار عن مجلس الوزراء الذي يحدد عدد أعضائها والجهات التي سيتم تمثيلها فيها، كما سيقر نظام عملها والقواعد التنفيذية والإجرائية ذات العلاقة، وتشمل مهام اللجنة الإشراف على إدارة إجراءات إعادة التنظيم المالي التي تتم خارج إطار المحاكم، وتعيين خبراء في شؤون إعادة التنظيم المالي، وإنشاء سجل إلكتروني للأشخاص الصادرة بحقّهم أحكام تتعلق بالإفلاس، كما تشمل اختصاصات اللجنة تنظيم ورعاية المبادرات التي من شأنها رفع مستوى الوعي العام بالقانون وأهدافه، ورفع تقارير دورية حول أعمالها وإنجازاتها. ورغم ندرة حالات الإفلاس في الدولة، جاء قانون الإفلاس نتيجة للجهود المتواصلة التي بذلتها الدولة لاستكمال التشريعات المالية، حيث وُضع القانون بناءً على مبادئ قانونية واقتصادية حديثة ومتطورة بشكل يميزه عن غيره من القوانين المرادفة على مستوى الدول العربية وحتى على مستوى العديد من الدول المتقدمة في هذا المجال، وذلك من خلال رفع مستوى الائتمان والضمان المالي، وتعزيز ثقة المستثمرين وتحريك عجلة اقتصاد الدولة، من خلال السماح للمتعثرين مالياً بإعادة تنظيم شؤونهم المالية والتجارية للتمكن من تجاوز مرحلة التعثر وسداد الديون والالتزامات التي تراكمت عليهم من دون أن تتوقف عجلة الإنتاج. وينطوي صدور قانون الإفلاس الذي يعد الأول من نوعه في منطقة الوطن العربي على العديد من الدلالات التي تعكس حرص دولة الإمارات على تعزيز مكانتها كبيئة استثمارية جاذبة لديها اقتصاد قوي ينعم بإطار تشريعي وقانوني، لعل أهم تلك الدلالات هي تشجيع أصحاب رؤوس الأموال على توجيه استثماراتهم إلى الدولة في ظل مناخ استثماري آمن، عبر تعزيز ثقتهم بالبنية التشريعية والقانونية للدولة، التي تتسم بالوضوح والشفافية وحفظ حقوق جميع الأطراف، فضلاً عن أن القانون يشكل ركيزة أساسية داعمة لمكانة الاقتصاد الوطني واستقراره، كما أن هذا القانون يدعم المبادرات والخطط الاستراتيجية التي تتبناها الدولة لتطوير بنيتها التحتية ويعزز من قدرتها التنافسية على المستويين الإقليمي والدولي، الأمر الذي يدعم بدوره النمو الاقتصادي المستدام ويلبي طموحات الحكومة لتحقيق «رؤية الإمارات 2021»، حيث يعد هذا القانون من أهم معايير كفاءة المناخ الاقتصادي. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية