تذكروا «إد بروك»، السيناتور الأميركي عن ولاية ماساشوسيتس والمولود في واشنطن. أو فكروا في «فريدريك دوجلاس»، الخطيب والمؤلف وأحد دعاة التحرير من العبودية، أو «جيمس فريمر»، زعيم الحقوق المدنية. لقد كان الثلاثة منفصلين بعضهم عن بعض من حيث المهنة، وفي حالة دوجلاس من حيث الأجيال. بيد أنهم كانوا يشتركون في أمرين: فكل منهم كان أميركياً من أصل أفريقي، وكل منهم كان يتنمي للحزب الجمهوري. والآن، تأملوا القس «مارك بيرنز»، الداعية المسيحي التليفزيوني الجمهوري الأسود، من ولاية ساوث كارولينا والذي يبرز إعلامياً كوكيل لدونالد ترامب. كان بروك أول عضو مجلس شيوخ أسود منتخب شعبياً. أما دوجلاس، فكان بطلاً للحركة المناهضة للعبودية، وكان فريمر مهندس حركة «فريدوم رايد» عام 1961. فهل يسعى «بيرنز» للحصول على الشهرة عبر الرسوم المتحركة التي غرد بها هذا الأسبوع، حيث صور هيلاري كلينتون بوجه أسود، وقال «لقد سئمت إرضاء الأميركيين من أصل أفريقي». لقد انطلق بروك ودوجلاس وفريمر إلى المجد، جنباً إلى جنب مع غيرهم من الجمهوريين السود، ولكن ليس من الممكن أن تعرف بالضبط كيف يفكر بيرنز، الذي صورته مجلة «تايم» باعتباره «القس الرئيسي لترامب». إن بيرنز كاهن غير عادي. وعندما أتيحت له الفرصة للتحدث في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في يوليو، تناول الأسباب التي يجب من أجلها منع هيلاري: لأنها «العدو»، ولأن «عدونا ليس الجمهوريين بل هيلاري والحزب الديموقراطي». وعندما واجه بيرنز استياءً، اعتذر عن كارتون الوجه الأسود وحذف التغريدة، لكنه دافع عن الرسالة التي يسعى لتوصيلها، وهي أن هيلاري تسعى لإرضاء السود! كم كنت أتمنى أن أسمع ما سيقوله بروك ودوجلاس وفريمر عن بيرنز والحزب الجمهوري الحالي، الذي أصبح يغلب عليه البيض أكثر مما كان قبل عشرين عاماً. وقد أظهر استطلاع للرأي أجرته وول ستريت جورنال وشبكة إن بي سي عام 1996 أن 15% من الأميركيين الأفارقة كانوا يؤيدون الحزب الجمهوري. أما استطلاع الرأي الذي أجرته وول ستريت جورنال وشبكة إن بي سي في يوليو الماضي، فأظهر أن النسبة أصبحت 7%. ورغم ذلك فإن الجمهوريين السود من أمثال بيرنز تقدموا إلى الواجهة. لم يكن الوضع دائماً هكذا، فبينما كان دوجلاس وجونسون لديهم الكثير من الشركاء السود في الحزب الجمهوري الذي أسسه محرر العبيد العظيم أبراهام لينكولن، كان الحزب الديموقراطي هو الموطن للمؤيدين للعبودية، وفيما بعد الحشود المؤيدة للفصل العنصري. والخط الذي يدفع به الوكلاء السود لترامب بأن السود هم أغنام لا يفكرون ويقودهم تاريخياً رعاة الغنم الديموقراطيين البيض هو هراء محض. لقد غير مزيج من الاتجاهات والديناميكيات العرقية والسياسية أميركا السوداء في القرن العشرين. وكما كتب موسى الغربي في مقالته بمجلة «أميركان كونسيرفاتيف»، بعنوان «لماذا لا يوجد الكثير من الجمهوريين السود؟»، فإن الصفقة الجديدة (نيو ديل) لفرانكلين روزفلت كانت تتعلق بهجرة السود إلى الحزب الديموقراطي. وكانت الأوامر التنفيذية للرئيس هاري ترومان بالقضاء على الفصل العنصري في القوات المسلحة وإنهاء التفرقة العنصرية في الوظائف الفيدرالية. أما قانون الحقوق المدنية للرئيس ليندون جونسون عام 1964 وقانون حقوق التصويت لعام 1965 وقيامه بتعيين ثورجود مارشال في المحكمة العليا، فقد ساعد كل ذلك على تعزيز الولاء للحزب الديموقراطي. ولن يساعد بالتأكيد جذب السود إلى الحزب الجمهوري عندما يروج الجمهوريون لقوانين هوية الناخب التي تحرم الأقليات من حقوق التصويت. كولبرت أي. كينج صحافي أميركي حاصل على جائزة بوليتزر عام 2003 ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»