أمام عدم الاستقرار، الذي تشهده أسواق النفط العالمية، استطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة، وبشهادة المنظَّمات العالمية، أن تصل إلى ما وصلت إليه من إنجازات اقتصادية خلال العقود الماضية، من خلال نهج التنويع الاقتصادي الطَّموح والمتوازن، الذي هدف إلى بناء اقتصاد وطني متطور قادر على النمو المستدام، حيث أظهر اقتصاد الإمارات مرونة عالية، وقدرة على النمو وتجاوز تبعات أزمة أسواق النفط، وذلك بفضل الرؤية السديدة للقيادة الرشيدة للدولة، ممثلة في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة (حفظه الله)، وإخوانه أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات، إذ يمضي الاقتصاد الإماراتي بخطوات ثابتة نحو مزيد من التنويع، والاستدامة، والتقليص التدريجيِّ للاعتماد على إيرادات قطاع النفط، وهذا هو الهدف الذي تتبناه «رؤية الإمارات 2021» الرامية إلى تحقيق اقتصاد متنوِّع قائم على المعرفة والتنمية المستدامة والابتكار، وخلق قطاعات غير نفطية قادرة على الإسهام في الناتج المحلي الإجمالي، إذ يتم توجيه الثروة النفطية للبلاد إلى خدمة التنمية الشاملة، وتطوير بنية تحتية وتكنولوجية قوية. وفي هذا الإطار تعمل دولة الإمارات ضمن مجموعة واسعة النطاق من السياسات والإجراءات التنافسية الهادفة إلى تمكين الدولة من بناء استراتيجيات التنمية، والتحول إلى اقتصاد متنوع قائم على المعرفة، وتعدُّد مصادر الدخل، وتحقيق التنمية المستدامة، وذلك من خلال الاستفادة من مزايا الدولة التنافسية، وعبر تأسيس منظومة تعمل على تطوير العنصر البشري ورأس المال، والاستغلال الكفء للثروات الطبيعية. وقد وجَّهت القيادة الرشيدة كل مؤسسات الدولة لدعم المبادرات الريادية، وتمكين رواد الأعمال وتشجيعهم على تأسيس مشاريع صغيرة ومتوسطة قادرة على المنافسة وفقاً لأفضل الممارسات العالمية في هذا المجال، وهذا بالإضافة إلى العمل على توفير العوامل والظروف الملائمة لتشجيع تنمية دور القطاع الخاص كمحرك ضروري لتوليد الثروة من خلال الاستثمار وتوفير الوظائف والابتكار وتحسين المنتجات والخدمات. وقد جاء في تقرير حديث صادر عن «البنك الدولي»، تأكيد أن تجربة دبي في تطوير قدراتها التنافسية والاقتصادية والنجاحات التي حققتها في هذا المجال يمكن أن تشكل نموذجاً تحتذي به المدن المختلفة حول العالم، الساعية إلى تنمية اقتصاداتها وتحسين قدراتها التنافسية. وقال البنك في تقريره: إن توثيق نجاحات مدن مثل دبي ونيويورك ولندن وسنغافورة، يمكن أن يساعد على صياغة معايير لأفضل الممارسات في تعزيز القدرات التنافسية للمدن وتنمية اقتصاداتها، للاستفادة من هذه التجارب. وأوضح التقرير، الذي حمل عنوان «المدن التنافسية من أجل الوظائف والنمو: ماذا؟ ومن؟ وكيف؟»، أنه بينما لا تتوافر وصفة خاصة واحدة لأن تصبح المدينة ذات قدرة تنافسية، تبرز أنماط شائعة للأداء الاقتصادي المرتفع، وهذه السمات بمقدورها أن ترشد المدن الأخرى التي هي في سبيلها لتخطيط استراتيجياتها الخاصة للتنمية الاقتصادية وتنفيذها. وبحسب التقرير فقد شكل نمو وظائف القطاع الخاص ما نسبته نحو 75% من نسبة الوظائف الجديدة في المدن على مستوى العالم، الأمر الذي يدفع القادة إلى معرفة كيفيَّة اجتذاب القطاع الخاص والمحافظة عليه وتوسعته، لافتاً النظر إلى أن إحدى طرق مواجهة تحديات البطالة في المدن هي تحسين القدرة التنافسية، وذلك بتحويل المدن العادية إلى مراكز حضرية مزدهرة بمقدورها أن تسهِّل نمو الشركات والصناعات من أجل إيجاد الوظائف ورفع الإنتاجية وزيادة الدخول، مؤكداً أن تحسين القدرة التنافسية للمدن من شأنه المساعدة في القضاء على الفقر المدقع وتعزيز الرخاء للمواطنين كافة. وتعكس تلك التقارير دعم القيادة الرشيدة للدولة عملية التنويع الاقتصادي، من خلال توفير المناخ الاستثماري اللازم لتعزيز دور القطاع الخاص في عملية التنمية الاقتصادية، بالإضافة إلى إقامة المشاريع التنافسية الكبرى وتبنِّيها، فضلاً عن وضع الخطط والاستراتيجيات التي من شأنها تشجيع الاستثمارات الأجنبية، وتحفيز المدخرات الوطنية للاستثمار، فقد بذلت الدولة بشكل عام، وإمارة دبي بشكل خاص، جهوداً دؤوبة بهدف توفير المناخ الاستثماري الجاذب لرؤوس الأموال، وفتح الباب أمام الاستثمارات لإيجاد قاعدة اقتصادية متنوِّعة تستطيع تحقيق التنافسية العالمية. ولا يملك المتابع لمسيرة نمو دولة الإمارات العربية المتحدة وازدهارها إلا إبداء الإعجاب والفخر بفخامة الإنجازات القياسية المتحققة في وقت قصير، فتلك الإنجازات تجسِّد الرؤى الطموحة لقيادة رشيدة مخلصة لا يحدُّ طموحها سقف، عملت منذ نشأة اتحادها على إضافة المزيد من الإنجازات التنموية الفريدة التي لا نهاية لها. ــ ـ ـ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.