على امتداد حياتي كنت من القناصين وصيادي السمك المتحمسين. فقد قنصت السمان والديوك الرومي البرية والحمائم وطيوراً أخرى. وذهبت في رحلات سفاري في أفريقيا عدة مرات لاقتناص الجاموس وغيره من الحيوانات. كما أنني أقنص غزال «الإلك» في جبال الروكي كل عام. وفي ولايتي الأم تكساس، اصطاد أسماك «الطبل الأحمر» والسلمون المرقط في خلجان ساحل الخليج واصطاد في ولاية «وايمينج» سلمون المياه العذبة المرقط. وأنا من دعاة الحفاظ على البيئة. ومنذ أيام الرئيس تيودور روزفيلت كان القناصون الأميركيون والحزب «الجمهوري» الذي يمثله روزفلت يوقرون الطبيعة والحياة البرية في البلاد بشدة. وكان لـ«روزفلت» يد في إنشاء 23 محمية وطنية طبيعية. وبعد ذلك بنصف قرن وقع الرئيس «ريتشارد نيكسون» قانون الأنواع المعرضة للانقراض وقانون حماية الثدييات المائية. لذا كان من دواعي سروري أني توليت هذه المهمة باعتباري وزيراً للخارجية في عهد الرئيس جورج بوش الأب. وفي رد على استشراء الصيد الجائر للأفيال انضممنا إلى ممثلين من الجماعات الدبلوماسية والمدافعة عن حماية البيئة في عام 1989 في لوزان في سويسرا في الدعوة إلى حظر كامل لتجارة العاج وفقاً لاتفاقية التجارة الدولية في أنواع الحيوانات والنباتات المعرضة للانقراض لعام 1975. وكنا فخورين بشكل خاص أن الولايات المتحدة مهدت الطريق لهذا الاتفاق التاريخي بحظرها من طرف واحد لصادرات العاج. ورغم أن حظر تجارة العاج مكنت بعض أنواع الفيلة من التعافي والتكاثر، لكن العقد الماضي شهد عودة للصيد الجائر، مما يمثل نكوصاً على الاتجاه السابق للأسف. ويلبي صائدو الأفيال هذه الأيام طلباً متنامياً من مستهلكين في آسيا ومناطق أخرى يعتبر فيها العاج رمزاً على المكانة والثروة. وبعد أن أصبحت تجارة العاج أكثر ربحية ودخل التجارة أطراف أكثر جشعاً، مما يمثل تهديداً ليس فقط للفيلة أنفسها بل لاستقرار وأمن المجتمعات التي تعيش فيها. وعلى عكس الأوضاع التي كانت قائمة قبل عقود حين كان عدد كبير من الضالعين في تجارة العاج القذرة يحركهم إلى حد كبير حوافز مثل توفير لقمة العيش لأسرهم، أصبح الصيد الجائر هذه الأيام تحركه عصابات الجريمة المنظمة، وأصبحت التجارة الدولية في الحياة البرية تقف بجانب تجارة السلاح والمخدرات والبشر. وميليشيات محلية مثل جماعة الجنجويد السودانية و«جيش الرب» التابع للزعيم الأوغندي «جوزيف كوني» المزودة بأسلحة حديثة أصبحت تشارك في تجارة الحياة البرية غير المشروعة لتمويل أنشطتها الإرهابية. والنتيجة مدمرة للأفيال والحراس الشجعان للحياة البرية ناهيك عما طال الجماعات السكانية التي تروعها هذه الميليشيات وتشيع فيها عدم الاستقرار. ويُقتل حالياً ما يصل إلى 35 ألف فيل سنوياً في أفريقيا. وذكرت جمعية المحافظة على الحياة البرية أن 65 في المئة كاملة من كل أفيال الغابات الأفريقية فُقدت بين عامي 2002 و2013 وعدد من حراس الحياة البرية يُقتلون كل عام. وحين كنت وزيراً للخارجية حثثت وزارة الدفاع الأميركية على تقديم طائرات عسكرية إضافية إلى كينيا لتساعد داعية الحفاظ على البيئة الكيني «ريتشارد ليكي» في حربه ضد قناصي الفيلة. ورُفضت الفكرة لعدم جدواها في ذاك الوقت، لكن يجب علينا إعادة النظر في هذه الفكرة اليوم بإقرار قانون التخلص من التجارة في الحياة البرية وعزلها والتصدي لها. والتشريع الذي تصدى له السيناتور «الديمقراطي» كريس كونز والسيناتور «الجمهوري» جيف فليك يدعم تطبيق قانون حظر التجارة في الحياة البرية، ويعزز الدعم لحراس الحياة البرية بما في ذلك إمدادهم بعتاد عسكري. ومن المهم أن يسمح القانون بالملاحقة القانونية في جرائم الحياة البرية من خلال قوانين تستهدف الابتزاز التي تحمل عقوبات أشد. وبينما يجتمع زعماء دوليون للحفاظ على البيئة في جوهانسبرج في سبتمبر وأكتوبر من أجل الإعداد للاجتماع التالي لاتفاقية التجارة الدولية في أنواع الحيوانات والنباتات المعرضة للانقراض يجب اعتراض أي دعوة لبيع العاج قانونياً. فقد تبين التأثير العكسي لبيع العاج الذي تم مصادرته في متاجر الدول الأفريقية في العقدين الماضيين، والذي سمح به بحجة أن هذا يقلص أسعار العاج. وتوافر كميات هائلة من المادة غير القانونية ليتم غسلها وبيعها علناً يحفز التجارة غير المشروعة والصيد الجائر للفيلة. لقد حان وقت إنهاء كل أنواع تجارة العاج على امتداد العالم. وحذرنا روزفيلت منذ فترة طويلة ألا نترك المناطق البرية أقل مما وجدناها. وإذا مضينا قدماً مع فكرة العالم الذي يتزايد ترابطه، يتعين علينا أن نعترف بالمسؤولية الجماعية عن بقاء الفيلة كأحد الأنواع الموجودة على الأرض. ومنذ فجر الحضارة الإنسانية، كانت هذه الكائنات الرائعة موجودة على الكوكب. أرجو ألا نكون المسؤولين عن انقراضها تماماً. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»