يريد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رؤية دونالد ترامب وقد أصبح الرئيس القادم للولايات المتحدة. ومن أجل هذه الغاية، اتخذ بوتين وحكومته خطوات غير مسبوقة للتأثير على العملية الانتخابية لمساعدة مرشح الحزب الجمهوري. وليس من الواضح ما إذا كانت تدخلات روسيا ستحقق نجاحاً. لكن من الواضح أن حكومة بوتين لديها الدوافع والوسائل لكي تحاول. إن بوتين لديه دوافع معقولة لرغبته في فوز ترامب: فترامب يدافع عن سياسات خارجية عديدة يؤيدها بوتين. وأكثر اقتراحات ترامب المثيرة والمؤيدة للكرملين تتمثل في «النظر» في الاعتراف بالقرم كجزء من روسيا. وقد رفض الرئيس باراك أوباما وكل أعضاء الكونجرس تقريباً -من الحزبين- هذه الفكرة بشدة. وفقط اعترفت أفغانستان وكوبا ونيكاراجوا وكوريا الشمالية وسوريا وفنزويلا بضم روسيا للقرم. فمن الطبيعي أن بوتين سيحب رؤية الولايات المتحدة وهي تنضم إلى هذه القائمة. ومن ناحية أخرى، أوضح ترامب ازدراءه تحالفات الولايات المتحدة حول العالم. وبعد أن بيَّن سوء فهمه لطريقة عمل «الناتو»، طالب بضرورة أن يدفع باقي أعضاء الحلف للولايات المتحدة من أجل حمايتهم، ما جعل العديد من حلفائنا، لاسيما في شرق أوروبا، يشعرون بالتوتر حيال الالتزام بالدفاع عنهم. كما استخف ترامب أيضاً بحلفائنا في آسيا، ما أوجد فرصاً جديدة للنفوذ الروسي. وفيما يتعلق بالتجارة، فإن وعود ترامب بخرق اتفاقياتنا يتوافق أيضاً مع أجندة بوتين. ومن وجهة نظر الرئيس الروسي، ما كان سيجد وسيلة أفضل لبدء العام الجديد من الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين أو المكسيك؟ إن تهديدات ترامب للتوقف عن سداد ديوننا من شأنها أيضاً أن تقوض جذرياً مصداقيتنا كبلد مقرض، وهي نتيجة أخرى مرغوبة بالنسبة لبوتين. وإجمالاً فإن ترامب يدافع عن سياسات انعزالية ويطالب بتخلي الولايات المتحدة عن قيادة العالم. وهو لا يبالي بتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان. وتراجع الولايات المتحدة عن الاهتمام بالشؤون العالمية يتناسب تماماً مع مصالح بوتين الدولية. وإذا كان فوز ترامب يخدم مصالح بوتين، فإن وجود هيلاري كلينتون في منصب الرئيس لن يؤدي هذا الغرض. فهي لن تعترف بالقرم كجزء من روسيا، وستسعى لتعزيز العلاقات مع حلفائنا وتبدي رأيها في حقوق الإنسان. إن بوتين وحكومته بالفعل يعرفون هيلاري التي تولت منصب وزير الخارجية لأربع سنوات. ويتذكرون الموقف المتشدد الذي اتخذته خلال التفاوض بشأن الانتقال السياسي في سوريا، وجهودها –رغم فشلها– لجعل روسيا تؤيد حتى القرارات المتواضعة لمجلس الأمن الدولي فيما يتعلق بهذه المأساة الإنسانية، ودفاعها المبكر عن تسليح المعارضين لبشار الأسد، حليف موسكو. كما يتذكرون انتقادها العلني للمخالفات التي حدثت في الانتخابات البرلمانية في روسيا عام 2011، والتي انتقدها بوتين باعتبارها «إشارة» للمحتجين الروس للنزول إلى الشارع والاحتجاج ضده. وهم أيضاً يتذكرون تصويرها لمشروع السياسة الخارجية لبوتين –إنشاء اتحاد أوراسيا الاقتصادي- باعتباره «خطوة لإعادة المنطقة إلى سيطرة الاتحاد السوفييتي». ومن ناحية أخرى، فإن بوتين لديه، إلى جانب الحافز القوي لفوز ترامب بالرئاسة، بعض الوسائل لمحاولة التأثير على انتخاباتنا الرئاسية. وفي هذا الإطار، بدأت وسائل الإعلام التي يسيطر عليها الكرملين تروج علناً لترامب. وأوضح ذلك تليفزيون «روسيا اليوم» (آر تي) الذي يبث في الولايات المتحدة. وفي أحد تقاريرها العديدة المؤيدة لترامب، قالت وكالة الأنباء الروسية «سبوتنيك» إنها أكدت على زعم ترامب فيما يتعلق بأن أوباما هو «المؤسس» لتنظيم «داعش»، وغردت بالهاشتاج #كلينتون الملتوية. أما بوتين نفسه، فأثنى على ترامب كسياسي موهوب، وأنه أكثر استعداداً للعمل مع روسيا من المرشحين الآخرين. بل إن الروس على ما يبدو استولوا على رسائل بريد إلكتروني من اللجنة الوطنية الديمقراطية، وبعد ذلك شجع ترامب الجواسيس الروس على السرقة مجدداً ونشر المزيد من رسائل هيلاري. ولا يعجب أحد من أن الحكومة الروسية تستخدم قدراتها السيبرانية لجمع معلومات استخباراتية عن السياسيين المهمين في الولايات المتحدة. ولم يحدث في الماضي أن تم الاستيلاء على معلومات للتأثير على الانتخابات الرئاسية الأميركية. ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ مايكل ماكفول* *مدير معهد فريمان سبوجلي للدراسات الدولية -الولايات المتحدة الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»