لعل النائبة الأميركية السابقة ومرشحة الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2008، «سينثيا ماكيني»، أصابت الحقيقة عندما قالت: «إن بصمات إسرائيل واضحة في الهجمات الإرهابية التي وقعت في نيس الفرنسية وميونيخ الألمانية». ماكيني قالت هذا الكلام بناءً على معطيات محددة، وهي بجانب خبرتها بتاريخ العمليات السرية لجهاز المخابرات الإسرائيلي «الموساد»، لفتت النظر إلى نقطة مهمة في المشاهد التي عرضت اللحظات الدامية للعمليات الإرهابية في فرنسا وألمانيا، ألا وهي وجود المصور الإسرائيلي في العمليتين الإرهابيتين، قائلة إن هذا المصور متزوج من نائبة الكنيست الإسرائيلي «إينا ويلف»، المجندة السابقة في وحدة الاستخبارات بالجيش الإسرائيلي. وقد اتفق كثير من المحللين مع رؤية «ماكيني»، كما أن تحليلات عديدة تؤكد وجود بصمات لـ«الموساد» في بعض الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية والإقليم والعالم. فـ«الموساد» لديه خبرة واسعة في هذا النوع من العمليات التي أحدثت هزات خطيرة في البلدان التي عرفتها، مما جعل هذه البلدان تتحرك وفق الهوى الإسرائيلي، كما أن قادة «الموساد» يعترفون في مذكراتهم بذلك. وقد تطرق الكاتب الإسرائيلي «جدعون ليفي» لجانب من هذا النهج الذي تؤمن به إسرائيل، وقد جعلته الأساس لكثير من سياساتها الإقليمية والعالمية، ففي مقاله «الشر قيمة من قيم إسرائيل» («هآرتس» 31-07-2016)، يقول ليفي: «بعد أن قلنا إن إسرائيل متطرفة وعنصرية وتكره العرب، يجب إضافة صفة أخرى بدونها لا يمكن تفسير سلوك نظام الاحتلال الإسرائيلي. إنها الشر الخالص، الشر السادي، الشر من أجل الشر. وأحياناً يكون هذا هو التفسير الوحيد للتصرفات الإسرائيلية. إنها عضو في عائلة النازية والفاشية، والشر فيها له جذور سياسية ودينية واجتماعية مغروسة عميقاً في المجتمع الإسرائيلي. يجب الاعتراف بأن الشر موجود وهو إحدى القيم الأكثر تأثيراً في إسرائيل، فهي دولة شر». وفي مقاله «جيش الأخلاق يقتل الأطفال!» («هآرتس» 28-07-2016)، يقول ليفي موجهاً رسالته للأشخاص الذين يتوهمون أن الجيش الإسرائيلي أكثر الجيوش أخلاقية في العالم: «إسرائيل قتلت في صيف 2014 وحده، وفي خمسين يوماً فقط، 546 طفلاً فلسطينياً، قتلهم جنود أخلاقيون وطائرات تتبنى القيم ومقذوفات الضمير، بأمر من قادتهم الذين لا يقلون عنهم من الناحية القيمية!»، ثم يتابع: «لم يقتلوهم في حرب حقيقية وفي مواجهة قوة عسكرية حقيقية، ولم تكن حرباً لا مناص منها، بل إن أغلبيتهم قتلوا بسبب القصف الجوي أو القذائف التي ألقيت عن بعد، دون رؤيتهم مباشرة في أغلب الحالات. شاهدوا صورهم الصغيرة وهم يلعبون على الشاطئ، أو وهم مجتمعون في بيوتهم البائسة، أو وهم نائمون أو في أثناء هربهم.. كل شيء على شاشة حاسوب الجنود والطيارين! إنهم لم يقصدوا قتلهم، لكنهم فقط ضغطوا على الزر وقتلوهم! مئات الجنود قتلوا مئات الأطفال!». إن المبدأ الأخلاقي في التعامل مع إسرائيل وتوصيف العلاقة معها انطلاقاً من الافتراض بأن ذلك سيقود إلى حل القضية الفلسطينية وإيجاد سلام دائم في المنطقة، هو وهم استراتيجي وقع فيه البعض. إسرائيل لا يعنيها السلام، وهي لا تقدم خدمات مجانية لأحد. إسرائيل كيان غريب وطارئ تمت زراعته في قلب الوطن العربي لنشر الفوضى والاضطراب والعمل على تمزيق الوطن العربي بكل الوسائل والحد من تنميته وتطوره، لذلك فهي في حقيقة الأمر كيان هدام ولا يمكن أن يكون طرفاً إيجابياً أو بنّاءً.