هناك توجه إعلامي واضح يضمر أصحابه لدولة الإمارات شراً، ويرغبون في إشاعة الخلافات السياسية مع أشقائها وأصدقائها من خلال زج اسمها في قضايا بعضها داخلي في تلك الدول، على سبيل الاتهامات الكاذبة بأن دولة الإمارات كان لها دور في المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا، علماً بأن الواقع ومنطق الأمور يؤكدان أن مثل هذا الانقلاب ليس من مصلحة الإمارات التي لديها استثمارات كبيرة في تركيا، كما أن السفير التركي في الدولة أكد متانة العلاقات بين البلدين. وبعد أن فشلت تلك الأبواق في حملة تشويه العلاقات الإماراتية على مستوى الدول، تحاول فعل ذلك على مستوى الشعوب من أجل تصفية حسابات سياسية ليس مع الإمارات فقط، ولكن مع الدول الخليجية عموماً، ولو بأثر رجعي، والسبب الذي يقف وراء ذلك أن الإمارات خاصة ومعها بعض الدول الخليجية أفشلت مخططاتهم التي كانت تسعى لإسقاط هيبة الدولة العربية، ولأنها كذلك تمثل حجر عثرة في وجه مشروعهم الرامي إلى نشر «فوضى العنف» في المجتمع العربي تحت بند «حرية التعبير» فيما كان يعرف إعلامياً بـ«الربيع العربي». لذا، يكون من الطبيعي أن تجد بين الحين والآخر «شائعات» تستهدف إثارة البلبلة بين شعوب المنطقة كانت آخرها «أكذوبة» تقول إن هناك سعياً إماراتياً إلى توجيه الرأي العام في إحدى الدول الخليجية الشقيقة نحو الفساد في السلك القضائي. بين الحين والآخر تفيض علينا المواقع الإلكترونية بطريقة صادمة بأوهام وخرافات من وحي خيال بعض الذين لا يريدون خيراً للإمارات التي بات لها دور مهم في الساحة الدولية، إلا أنه من سوء حظ أصحاب هذه الأساطير والخرافات أن الشعوب والحكومات دائماً تكون لهم بالمرصاد، وهو دليل كافٍ على الوعي بسوء نياتهم وبما يخططون له. ومع ذلك فإن النقطة الأهم هي أن أصحاب «الحسابات القائدة» في وسائل التواصل الاجتماعي عليهم دور أكبر في توضيح الحقيقة وتفسيرها، وتحليل تلك الشائعات من أجل قطع الطريق على المغرضين ومتصيدي الشائعات، كما حدث مع الرسالة الأخيرة التي انتشرت منذ أيام، لأن حرب الجيل الرابع هي حرب إعلام أدواته وسائل التواصل. اعتادت دولة الإمارات مثل هذا الخطاب الذي تفوح منه رائحة الحقد والكراهية، ولكن أن يصل القبح والابتذال إلى المساس بما يعتبر خطاً أحمر، فإن هذا يشير إلى أمرين: أولهما أن هؤلاء المغرضين لا يدركون حقائق تاريخية بين هذه الدول وما يربطها من علاقات استراتيجية. والثاني، أنهم يجهلون أبسط أساليب الدعاية السوداء عندما تصطدم بحقيقة أن استقرار هذه الدول مصلحة مشتركة واحدة. وقد أثبتت التجربة أن مسألة اختراق «البيت الخليجي»، سواء من جانب الأفراد أم من جانب الجماعات، هو أمر غير قابل للتحقق، فأعضاء البيت الخليجي يقفون دائماً بعضهم مع بعض، حتى وإن بدت بعض اختلافات في وجهات النظر حول قضايا معينة، مثل طريقة التعامل مع التمدد الإيراني في الدول العربية، أو في الموقف من ملف التيارات الإسلامية. واقعياً بين دول مجلس التعاون الخليجي حلف له أصوله الاستراتيجية التي لا خلاف عليها، أبرزها استقرار مجتمعات هذه الدول، لكن في مقابل ذلك ثمة هوامش سياسية يمكن الاختلاف عليها. إلا أن ذلك الهامش لا يمكن أن يسمح بدخول المغرضين والساعين إلى العبث بأمن المنطقة. لذا فإن مثل هذه القصص الإخبارية الوهمية في المواقع الإلكترونية، غالباً ما تكشف لنا أن المخربين موجودون في كل دول المنطقة، يخدم بعضهم بعضاً، بغض النظر عن المصلحة العليا للأوطان وعن الجغرافيا أو حتى الجنسية، لأن «ثقافة التخريب» هي الاستراتيجية التي يبنون عليها أهدافهم في المنطقة. ولهذا فإن مثل هذه الأساطير لا تقلقنا نحن في الخليج، بقدر ما تؤكد قوة الضربة التي وجهتها دول الخليج إلى من يقف خلف تلك التلفيقات، كما أنها تجعلنا نتساءل عن المستفيد الأول من أي فوضى تريد تلك الأطراف إحداثها في الدول الخليجية؟!. وفي الإجابة عن هذا التساؤل، عادة ما نقف على وسائل الإعلام الإيرانية وحكومتها، كما نربط التفاصيل الدقيقة حول ما تنشره تلك المواقع الإلكترونية، ونقول: فتش عن «الإخوان المسلمين»، فهم «الدولة العميقة». أختم بالقول إنه لو نظرت من أي زاوية حول تلك الشائعات، لوجدت أنها غير قابلة للتصديق، وأن كل تلك المحاولات اليائسة لزعزعة الاستقرار في منطقة الخليج تصطدم بجدار منيع يقول للجميع: «البيت الخليجي دائماً متوحد».