هل رشح حزب «لينكولن» تواً شخصاً عنصرياً كي يكون رئيساً؟ بما أنه لا يجب علينا إلقاء مثل هذا التهم جزافاً، فإنني قررت العودة إلى سجل الحياة المهنية لترامب خلال الأربعين عاماً الماضية، كي أكتشف مدى صحة هذا الاتهام. كان أول ما رأيته في السجل راية حمراء مبكرة، ارتفعت عام 1973 عندما قاضت وزارة العدل في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون، ترامب ووالده فريد ترامب، لممارستهما التمييز المنهجي ضد السود في موضوع تأجير المساكن. اطلعت على 1012 ورقة، احتوت على تفاصيل تلك المعركة القانونية التي تضمنت أدلة دامغة، جرى جمعها في ذلك الوقت، وأثبتت صحة هذه التهمة، وأن ترامب الذي كان رئيساً للشركة العقارية التي تمتلكها الأسرة كان يمارس التمييز ضد السود، حيث كان يفضل بيع أو تأجير المساكن ليهود، أو أشخاص يعملون في وظائف المديرين التنفيذيين ولا يحبذ تأجيرها للسود. قاتل «ترامب» بشراسة في هذه القضية سواء في المحاكم أو وسائل الإعلام، ولكن «آل ترامب» استقروا في نهاية المطاف على شروط اعتبرت على نطاق واسع بمثابة انتصار للحكومة. بعد ذلك التاريخ بثلاث سنوات قاضت الحكومة «ترامب» مرة ثانية لاستمراره في التمييز ضد السود. للإنصاف يتعين القول إن القضية تعود إلى زمن بعيد، وأن السياسات التمييزية المتبعة بوساطة الشركة، ربما تكون قد وضعت بوساطة والد «ترامب»، الذي تبين السجلات أنه قد قبض عليه في تجمع لعصابة «كو كلاكس كلان» العنصرية عام 1927. حتى لو كانت الشركة قد ورثت السياسات العنصرية عن والد «ترامب»، إلا أن ترامب نفسه اصطف بشكل حاسم في السبعينيات، في المعركة القانونية ضد حركة الحقوق المدنية. كانت هناك لحظة كاشفة أخرى عام 1989 عندما اهتزت مدينة نيويورك لما عرف آنذاك بقضية«عداءة سنترال بارك» وتفاصيلها أن امرأة بيضاء قد تعرضت للاغتصاب والضرب، أثناء ممارستها لرياضة الركض في الحديقة، وألقت السلطات القبض على خمسة مراهقين سود ولاتين للاشتباه بارتكابهم للجريمة. وتدخل ترامب في ذلك الوقت، وهاجم نداء العمدة«إيد كوش» للهدوء والسلام، واشترى صفحة كاملة خصصها لإعلان يدعو فيها لإصدار أحكام بالإعدام على مرتكبي هذه الجريمة. وانتهت هذه القضية بإيداع المراهقين الخمسة في السجن، حيث قضوا سنوات قبل أن يتم تبرئتهم بعد ذلك. عند استعادة ما حدث في تلك القضية من منظور الحاضر، يتبين لنا أن هؤلاء المراهقين قد تعرضوا لعملية قتل خارج نطاق القانون، على أيدي حشود من الأفراد، كما كان يحدث قديما، وأن ترامب قد لعب دوراً في تأجيج تلك الحشود. وحتى عندما انتقل ترامب للعمل في مجال كازيونهات القمار، فإن التمييز تبعه إلى هذا المجال أيضاً. ففي الثمانينيات، ووفقاً لتقرير كتبته صحيفة «نيويوركر»، جاء فيه على لسان«كيب براون» الذي كان يعمل لدى كازينو ترامب في ذلك الوقت: (عندما كان ترامب وعشيقته «إيفانا» يحضران إلى كازينو القمار المملوك له كان رؤساء العمل يأمرون جميع السود بالخروج من الطابق... كانوا يضعوننا جميعا في مكان خلفي). في عام 1991، ذكر«جون أو دونيل» الذي كان قد عمل من قبل كمدير لفندق وكازينو بلازا المملوك لترامب في أتلانتيك سيتي، في مقابلة معه، أن «ترامب» قد قال في معرض انتقاده لمحاسب أسود: «أشخاص سود يعدون نقودي! أنا أكره ذلك... الأشخاص الذي أريدهم أن يعدوا نقودي هم أشخاص قصيري القامة، يرتدون القلنسوة اليهودية كل يوم.. أنا أعتقد أن ذلك المحاسب كسول ولكنه في نظري ليس مسؤولاً عن ذلك لأن الكسل صفة متأصلة في السود». السجل الحديث لترامب الذي يشي بالعنصرية قد يكون مألوفاً أكثر: إيحاءات ترامب بأن أوباما وُلد في كينيا، تلميحاته أن أوباما لم يسُمح له بالالتحاق بمدارس«إيفي ليج» إلا بفضل برنامج الفعل الإيجابي أو ما يعرف ب Affirmative action المناهض للتمييز، انتقاداته للمهاجرين المكسيكيين واتهامهم أنهم«في كثير من الحالات مجرمون، وتجار مخدرات، ومغتصبون» دعوته لفرض حظر مؤقت على دخول المسلمين للولايات المتحدة، ووصفه لقاض مولود في أميركا، من أصول مكسيكية بأنه مكسيكي لا يستطيع النظر في قضيته بعدالة، ورده من خلال تغريدة على رسم جرافيكي يلمح أن 81 في المئة من ضحايا جرائم القتل من البيض يقتلون بوساطة أشخاص سود(في حين أن الرقم الفعلي هو 15 في المئة)، وغير ذلك من حالات تكشف عن عنصريته. الشيء المؤكد من خلال ذلك كله أن ما نراه أمامنا هو رجل اقترن اسمه على مدى أربعة عقود بتعليقات عنصرية، أو متعصبة ضد الأقليات، بعضها أدلى به على شاشة التلفزيون أمام أنظارنا جميعا. إن ما يبرز أمامنا خلال تلك العقود هو قوس سردي، ونمط دائم- وأنا لا أرى سبباً يدعوني لأن أطلق على ذلك أي مسمى آخر سوى مسمى العنصرية. نيكولاس كريستوف* كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة«نيويورك تايمز»