وعد المؤتمر الذي عقده «دونالد ترامب» في ليلتين متتاليتين بأنه سيخبرنا عن الكيفية التي سيجعل بها أميركا عظيمة. وكان من المفترض أن يدور الحديث يوم الاثنين الماضي عن الأمن القومي ويوم الثلاثاء عن الاقتصاد. وحتى الآن لم نعلم شيئاً في الواقع. كانت الصيغة هي نفسها: تشويه صورة هيلاري كلينتون، وزعم أن «ترامب» رجل أعمال عظيم (ولكن كيف يمكننا معرفة ذلك وهو يرفض الكشف عن إقراراته الضريبية)، وقول إن «ترامب» سيحل مشاكلنا. هذه هي طريقة الطغاة التافهين وغيرهم ممن يعتمدون على المعجبين بسلوك الشخصية. أما القائد العظيم فهو رائع. وهو سيحل كل هذا. هذا يعد إهانة لذكائنا ولن يفيد أن نقنع الأميركيين أن ترامب يعرف ما الذي سيفعله كرئيس للبلاد. على العكس، فإن الغياب الفعلي لأي شيء يشبه أجندة اقتصادية يشير إلى أن «ترامب» ليس لديه أدنى فكرة عما سيفعله. وقول «إنه سيصلح قانون الضرائب» لا يعد سياسة، إنه طموح. فكيف سيتسنى له أن يصلحه دون خلق مزيد من الديون؟ إن خطته الضريبية السابقة تقدم استثناءات غير عادية للأثرياء جداً، فهل هذه ما زالت هي الفكرة؟ لم يكن الحشد الذي قام به يوم الثلاثاء، والذي ضم أقرب أقربائه (دونالد الابن وتيفاني)، وحاكم نيو جيرسي «كريس كريستي»، ذا فائدة سوى أنه أثبت كيف أن بعض الأصوات المستقلة على استعداد لتأييده. وبالطبع، مهما كان لطف حديث أولاده ومهما كان ظرف الأشياء التي ظهرت على بطاقات التقارير التي جلبتها تيفاني ترامب (ابنته)، لم نحصل على تأكيد يذكر بأن هناك خطة حقيقية لجعل أميركا عظيمة. وتعليم أطفاله قيادة الجرارات لا يعني أن ترامب يعرف أي شيء عن إنعاش الاقتصاد. وقد أصر «وولارد» على قول «إن ترامب وابنه إيريك ينصتان بانتباه ويطرحان أسئلة تؤدي إلى اتخاذ قرارات ملزمة ومطلعة تستند على خبرة هؤلاء الذين اكتسبا ثقتهم». إننا لم نر هذا الجانب من ترامب في الحملة. إنه يبدو محصناً ضد المشورة. وهو حقا يثق بالمقربين إليه، بحسب ما يقول موظفوه. إن هذا من الحماقة كما لو كنت في محاكاة ساخرة لمتنافسة في مسابقة جمال تقول إنها تحب الناس وتصلي من أجل أن يسود السلام في العالم. وعن غير قصد، فإن تصريحات أبناء «ترامب» أكدت فقط على نقاط ضعفه. فقد ذكرت «تيفاني ترامب» أن أفضل موهبة يتمتع بها والدها هي أنه يبرز أفضل ما في الناس. وقد جاء هذا في نهاية يومين من الزلات والهفوات والفوضى. وذكر دونالد ترامب الابن أن والده لم يفشل إطلاقا في أي شيء. أفترض أنه كان يعني «باستثناء جامعة ترامب وشركة ترامب للحوم وكازينوهات ترامب وشركة ترامب للوساطة العقارية». وقال ابنه إن بإمكانه تحقيق المستحيل. إن والده رجل عظيم. واستطرد «إننا سنطلق العنان للروح الخلاقة والطاقة في جميع الأميركيين». كيف؟ لا تسأل. «سنجعل مدارسنا أفضل مدارس في العالم لكل مواطن أميركي، ولكل الأعراق والخلفيات»، هكذا قال ابنه في محاولة لجعل والده يبدو إنساناً شمولياً. كيف؟ لا تسأل. إن محاولة دونالد ترامب الابن في السياسة كانت كوميدية عن غير قصد في بعض الأحيان. «هل تعلمون لماذا تؤدي الدول الأخرى أداء أفضل في مرحلتي التعليم الابتدائية والثانوية؟ إنها تدع الآباء يختارون المدارس التي يرسلون إليها أبناءهم». في الواقع هذا غير صحيح. إنها تنجح بسبب المعايير العالية بشكل موحد (والتي يعارضها ترامب) ورفع رواتب ومكانة المعلمين. وكان الافتقار إلى المادة واضحاً جداً، أيضاً، حيث حاول العودة إلى حكايات بنغازي (فهل كانت هذه من المفترض أن تكون ليلة الأجندة الاقتصادية؟). هذا ليس المقصود به توجيه النقد لأبناء دونالد ترامب، الذين يبدون أشخاصاً أذكياء ومجتهدين. لكن المشكلة هي قضاء وقت كبير مع أبناء عازمين على قول أشياء فارغة عن أبيهم في الليلة التي من المفترض أن تشرح فيها حملته كيف سيجعل ترامب أميركا عظيمة. جينفر روبين* *محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»