يمكنكم أن تسمونها نقطة فارقة أو لحظة اختيار أو اختبار أو أي شيء آخر، ولكن مهما كانت التسمية، فإن الشيء الجلي هو أن الانتخابات الرئاسية القادمة، سيكون لها تداعيات بعيدة المدى على الحزب «الجمهوري»، وعلى بلدنا الاستثنائي. وعلى رغم أنه ليس هناك أدنى شك، في أن «ترامب» قد استفاد من مشاعر القلق واسعة الانتشار في الولايات المتحدة اليوم، إلا أنني لا أعتقد مع ذلك، أنه يعكس مبادئ الحزب «الجمهوري» أو إرثه الشامل، وآمل بإخلاص، أنه لن يعكس مستقبله أيضاً. وفي الوقت الذي أرفض فيه «دونالد ترامب» كقائد لحزبنا، فإني أومن، بالقدر نفسه، أنه لم يكن هو الذي خلق الثقافة السياسية للولايات المتحدة، بمفرده. فمن خلال تكتيكات انقسامية، استمرت لثماني سنوات تقريباً من قبل أوباما وحلفائه، جرى تقويض إيمان الأميركيين، بقدرة السياسة والحكومة، على إنجاز أي شيء إيجابي. وخلال تلك السنوات، قبض الرئيس على زمام السلطة، وتجاوز في الكثير من الأحيان صلاحياته، كي يعاقب خصومه، ويمارس التشريع من البيت الأبيض، ويحول مؤسسة صنع القوانين (الكونجرس) إلى سلاح في أيدي «الدوجما» الليبرالية. وكانت النتيجة هي تلاشي أي شكل من أشكال التسويات أوالتعاون الحزبي في رأسمال أمتنا. وأدى فشل القادة المنتخبين في كسر الجمود السياسي في واشنطن، إلى زيادة الانقسام في صفوف الجمهور الانتخابي بشكل مطرد، وهو ما قاد إلى تداعي نظامنا السياسي. ومن سوء الحظ، أن الغضب والخوف الناتجين عن ذلك، لم يؤديا لعودة السياسات الهادفة أو إلى تجدد النقاش داخل حزبنا، حول الكيفية التي يمكن بها لـ «الجمهوريين» دعم البيت الأبيض، من خلال القوة التي تنطوي عليها أفكارنا. بدلاً من ذلك، أدت تلك السياسات إلى نجاح مرشح هو دونالد ترامب، يواصل على نحو بشع، التلاعب بمشاعر الغضب الكامن في نفوس الكثير من الأميركيين. فخطاب «ترامب» اللاذع، شبه الجاهل، الذي يدعو لإعطاء الأولوية لمصالح المواطنين الأصليين على ما عداها، حال دون النقاش الواعي، حول الكيفية التي يجب أن تتم بها مواجهة تحديات أميركا الكبرى. في الجانب «اليساري»، تدل تصريحات هيلاري كلينتون، ومواقفها على أنها تنوي الاستمرار في السياسة الخارجية والاقتصادية الكارثية لإدارة أوباما، وإلى الاستمرار في تعصبها الحزبي الذي وصل إلى درجة دفعتها لوصف «الجمهوريين» بأنهم «أعداءها»، وهو ما يعد دليلاً على أنه لم يعد لديها اهتمام حقيقي بإنجاز المهمة الشاقة الخاصة بصياغة التوافقات والتسويات، وأن حالها في ذلك، ليس أفضل من حال رئيسها. ليس هناك شك في أن الأشهر الأربعة القادمة ستتضمن مناورات سياسية مسلية، ولكني لست متفائلاً أكثر من اللازم، مع ذلك، بأن الانتخابات الرئاسية، ستكون هي العامل المساعد، على استرداد دينامية بلدنا. لم أقرر بعد كيف سأصوت في نوفمبر القادم، ولكني أعرف أن هناك الكثير من الأشياء التي يستطيع «الجمهوريون» إنجازها خلال الأشهر المتبقية من الآن وحتى موعد تلك الانتخابات، من أجل وضع المرتكزات اللازمة لإعادة بناء حزبنا، ووضع الأسس الضرورية، لإنجاز عملية تجديد محافظة حقيقية في بلدنا. أولاً، ليس هناك ما هو أكثر أهمية من المحافظة على سيطرتنا على الكونجرس، وعلى مناصب حكام الولايات والمجالس التشريعية. ونريد من «بول دي داريان» رئيس مجلس النواب (جمهوري- ويسكونسن)، وغيره من النواب، مواصلة عملية التدقيق المهمة التي يقومون بها، على صلاحيات البيت الأبيض والجهاز البيروقراطي الفيدرالي، بصرف النظر عن هوية الفائز في الانتخابات. ثانياً، دعونا نتجاوز العراك اليومي الذي يدور عادة، حول من الذي يقوم بالحط من شأن من على «تويتر»، والالتفاف بدلاً من ذلك حول أجندة سياسية تقود إلى نمو اقتصادي أفضل، وأن نعمل على استعادة الحيوية للقيادة الأميركية على المسرح العالمي، وعلى تعزيز الديمقراطية. إعادة بناء الثقة في حزبنا، وفي حكومتنا في نهاية المطاف، يتطلب منا أن نكون عوامل مساعدة على إحداث التغيير. من هذا المنطلق ندعو إلى نقل أكبر قدر ممكن من السلطة خارج واشنطن، وإلى العمل جنباً لجنب من أجل إنهاء رأسمالية المحاسيب، وسياسات الباب الدوار، وإصلاح نظام الخدمة المدنية الفيدرالية، وتحويله لنظام يقوم بمكافأة الإنجاز والتفوق، ويحفز على تحقيق النتائج، وتبني قوة التكنولوجيا، لجعل الحكومات أصغر حجماً، وأكثر خفة في الحركة، وأن تكون مدفوعة للعمل من قبل هؤلاء الذين تقوم بخدمتهم، وتوفير احتياجاتهم، لا من قبل أي أحد آخر. ثالثاً، أن قوة مبادئنا المحافظة، وقدرتها على التأثير على مستقبل هذه الأمة، تتجاوز الانتخابات الفيدرالية. فنحن نستطيع تقديم يد العون في إعادة بناء المؤسسات الموجودة خارج الحقل السياسي، والتي تساعد على تقليل الاعتماد على الحكومة، والتي كانت تمثل دوماً الأعمدة الحقيقية لأميركا وهي: العائلات القوية، والمجتمعات القوية، والقطاع الخاص المزدهر. رابعاً وأخيراً، لقد علمتنا هذه السنة، مخاطر ترك شخصيات منفلتة تتصرف دون ضابط على حساب الجوهر والمبادئ. دعونا هنا نعيد تعريف معنى التحضر، ونعيد الأفكار الخلاقة والتفاؤل إلى العملية السياسية في بلدنا. دعونا أيضاً نبحث عن طرق لتنظيم الحملات، وممارسة الحكم على نحو إدماجي وليس إقصائي، دعونا نجد طريقاً لتخفيف غضب ومخاوف الناس، وألا نقوم على نحو لا مبالي بتغذيتها. نحن قادرون على إعادة تجديد بلدنا، من خلال تطبيق المبادئ المحافظة والسياسات الطموحة على المدى الطويل، ولكن الأمر سوف يستلزم إلى جانب ذلك، أدوات فاعلة، وقيادة قوية خلال السنوات القادمة. لقد كان الحزب «الجمهوري» دوماً، هو حزب «الأمل والتفاؤل»، حزب الفرص والحرية، وأنا واثق تمام الثقة بأننا قادرون على إعادة حزبنا لسابق عهده. جيب بوش: حاكم فلوريدا السابق ومرشح الحزب «الجمهوري» لانتخابات 2016 ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»