جزيئان صغيران من اليورانيوم قد يحددان نجاح أو فشل صفقة إيران النووية. فقد ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الشهر الماضي أن «إدارة أوباما خلصت إلى أن جزيئات اليورانيوم التي اكتُشفت الشهر الماضي في قاعدة عسكرية إيرانية سرية يُرجح أنها ترتبط ببرنامح البلاد السري السابق للأسلحة النووية». وكشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن الاكتشاف في هامش تقرير مهم صدر ديسمبر الماضي. وقللت الوكالة من شأن الموضوع قائلة إن عدد الجزيئات أقل من أن يثبت صلة بأنشطة غير مشروعة. لكن الحكومة الأميركية لديها قدرات قد تتفوق على تلك التي لدى الوكالة الدولية. إذن لماذا يكون لجزيئين من اليورانيوم هذه الأهمية؟ هناك ثلاثة أسباب. أولا: جزيئات اليورانيوم تمثل دليلًا أولياً على مواد نووية غير خاضعة لضمانات الرقابة في إيران. فلا بد أن هناك كميات أكبر جاءت منها هذه الجزيئات. وتعتمد عملية التحقيق التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية على الإعلان الصحيح والكامل لكل المواد والأنشطة النووية ذات الصلة تتبعها عملية فحص لهذه المواد والأنشطة من الوكالة للتأكد من أنها مقتصرة على الأغراض السلمية. ثانياً: قوض الخلاف بشأن جزيئات اليورانيوم دفاع إدارة أوباما عن التأجيل لمدة 24 يوماً أو أكثر قبل السماح بالدخول إلى المواقع التي يشتبه أن بها نشاطاً نووياً. وكان وزير الطاقة الأميركي ايرنست مونيز قد برر العام الماضي عدم القيام بعمليات تفتيش في أي وقت وأي مكان مشيراً إلى القدرات الرائعة على جمع العينات وتحليلها التي بوسعها رصد النشاط غير المشروع بحال من الأحوال حتى لو كان أمام الإيرانيين أسابيع لتنظيف موقع سري قبل السماح بدخول مفتشين. وفي أول اختبار بعينه توصلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن إخفاء إيران للأنشطة «يقوض بشدة قدرة الوكالة على القيام بعملية تحقق فاعلة»، وهكذا نجد أنفسنا في موقف غامض تدفع فيه طهران بأنها لم تفعل شيئاً خطأً وتشير الوكالة إلى أن الأدلة غير جازمة والحكومة الأميركية ترى أنشطة تشير إلى إنتاج أسلحة. ومما يخدم أغراض إيران أن عملية التنظيف لا يتعين أن تكون مثالية بل جيدة بما يكفي لتثير عدم اليقين. ثالثا: الطريقة التي تحسم بها هذه القضية تحدد الموعد الذي تلقي فيه طهران عن كاهلها بعض القيود بموجب الصفقة النووية المعروفة باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة». وبموجب الاتفاق تحصل إيران على تخفيف القيود المفروضة عليها من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وتنتهي كل قيود الأمم المتحددة على عمليات الحصول على الصواريخ البالستية أو العتاد العسكري التقليدي بعد ثماني سنوات أو عندما تتوصل الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى ما يطلق عليه «استنتاج أوسع» يكون مفاده أن كل الأنشطة النووية الإيرانية سلمية وملتزمة بالشروط. إذن ما الذي يجب فعله تجاه جزيئات اليورانيوم في قاعدة «بارشين»؟ أولاً: يتعين على الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تأخذ عينات أكثر من الموقع في ظل إجراءات غير تلك المعمول بها حالياً. ثانياً: إذا توصلت الوكالة مثل الحكومة الأميركية إلى أن جزيئات اليورانيوم دليل على النشاط السابق في مجال الأسلحة فإنها يجب أن تحاول تحديد وتقييم حجم أي مخزونات غير معلن عنها من اليورانيوم وتطالب بالسماح بالاجتماع بالمسؤولين والحصول على المستندات والأجهزة والمواقع ذات الصلة بالتحقيق. والوكالة الدولية للطاقة الذرية عليها التزام تام وتتمتع بسلطة تامة في مسعى العثور على مواد نووية غير ملتزمة بالضمانات إذا كان لدى الوكالة سبب للاعتقاد بوجود مثل هذه المواد. ثالثاً: يتعين على الوكالة أن تمتنع عن إعلان أنها توصلت إلى «استنتاج أوسع» يفيد أن الأنشطة النووية لطهران سلمية ما لم ترض تماماً عما قدمته إيران وتراه إعلاناً كاملاً وصحيحاً عن كل موادها وأنشطتها النووية. ويليام توبي: زميل بارز في مركز بلفور التابع لجامعة هارفارد. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»