«إن البحوث لدى الغربيين أعمق من أبحاثنا، كونهم يستندون فيها إلى معلومات ومراجع». ترى، ما الذي يجعل قامة معرفية كبيرة من المستوى الرفيع، هو صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وفي لقاء إعلامي - أكاديمي متميز بمسرح المجاز بالشارقة، أن يرسل رسالة مهمة كهذه؟ والرسالة كما فهمتها، ينسحب معناها على الأبحاث التاريخية، والكتابات الصحفية، والتحليلات السياسية، وكثير من المجالات الأخرى، على تعددها واختلاف طبيعتها. وأجدني موافقاً معه عليها قلباً وقالباً، خصوصاً أنه علق خلال محاضرته القيمة، بقوله: «دعونا نرتقي بخطابنا الإعلامي - قليلاً - وليتخيل أحدكم نفسه قارئاً لما يكتبه، وأن يحاول أن يكون مدرساً ومعلماً ليكتب النافع المفيد، ولا ينساق مع رغبة القراء». وهنا، سآخذ من وحي هذا القول، جانب الصحافة والكتابات الصحفية. في عقد الثمانينيات، كانت مشكلة الصحفيين والكتَّاب، صعوبة الحصول على المعلومة السليمة، وصعوبة الوصول إلى مصادرها الموثوقة. وكان الحصول على المعلومة وقتها، يجري عبر وسيلتين، وكالات الأنباء، والعلاقات الشخصية. لم تكن هنالك آلية واضحة للوصول إلى المعلومة السليمة ولا إلى مصدرها. التشريعات بحرية تدفق المعلومات، وسهولة الحصول عليها من مصادرها، من دون حواجز أو تأخير، تكاد تكون غير موجودة وقتذاك، وما كان قائماً من أساليب يومها، ومعتمداً لدى الصحفيين والكتاب، كان جله يفتقر إلى الوضوح والتحديد. اليوم، الحال تغيّر وبنسبة مرتفعة، في الإمارات وغيرها من بلدان المنطقة، وأصبح العمل في مجال «المعلومة والمصدر والكتابة» أفضل من السابق، حيث جاءت الشبكة العالمية للمعلومات «الإنترنت»، وكان لدخولها الإمارات نهاية الثمانينيات، تأثير لافت ومدوٍّ، لتليها بعد 12 عاماً، شبكة التواصل الاجتماعي «أون لاين سوشل نتورك» فبراير عام 2004، لتضفي كثيراً من الحيوية على المهنة. ومن تلك الفترة - عقد الثمانينيات الذهبي - إلى اليوم، حدثت أيضاً نقلة متقدمة في مؤشر نسبة التطور الاجتماعي للفرد في دول الخليج العربية، بحيث أصبح الصحفي والكاتب في الإمارت، على سبيل المثال لا التحديد، باستطاعته الحصول على المعلومة السليمة التي يريدها، والوصول إلى المصدر الذي يريده، وبعدة طرق ووسائل كريمة. هل انتهت مشكلة المعلومة والمصدر؟ الجواب بتقديري المتواضع.. لا، ففي الوقت الذي كانت مشكلتنا فيه شح المعلومات السليمة، وصعوبة الوصول إلى مصدرها الصحيح، في عقد الثمانينيات. اليوم ونحن في العقد الثاني من الألفية الثالثة، لدينا مشكلة كبيرة، هي «كيفية توظيف المعلومة» في سياقاتها الصحيحة، بغية استثمارها والاستفادة منها على نحو بناء. نعم، هذه العملية الثقافية الفنية، هي التي باتت تشكل بالنسبة إلى أغلب كتّابنا اليوم، مشكلة «عويصة»، تواجههم أنىّ ذهبوا، في ميدان الصحافة أو السياسة أو في المجال البحثي. ما حل هذه المشكلة؟ ببساطة شديدة، يكمن حل هذه المشكلة في عدة عوامل، الأول الاختصاص، أي ألا تكتب في غير مجالك. الثاني الثقافة، ألا تحاول أن تعرض لموضوع ليس لك فيه دراية. ثالثاً الموضوعية، وهي ألا تعتقد للحظة أنك تتحدث عن حقيقة مطلقه، فالحقيقة غالباً ما تكون نسبية، وما تراه صحيحاً قد يراه آخر خلاف ذلك، وما قد يبدو اليوم سليماً، غداً قد يكون العكس. رابعاً: المهنية، وتقتضي منك تنويع زوايا قراءة الحدث، وتنويع مصادر المعلومة.