فوجئ العالمان العربي والإسلامي، قبل نهاية شهر رمضان المبارك بيوم واحد، بحوادث تفجير إرهابية طالت ثاني الحرمين الشريفين المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، إضافة إلى جدة والقطيف في المملكة العربية السعودية الشقيقة، مما تسبب في انتشار حالة من الذهول والدهشة، ليس فقط بين أوساط المسلمين، بل في العالم أجمع. والمتتبع للأعمال الإرهابية في منطقة الخليج العربي، وتحديداً في دول مجلس التعاون الخليجي، يلاحظ خطة منهجية ترمي إلى تحقيق عدة أهداف منها تدمير البنية التحتية لتلك الدول، وإلحاق الضرر بقطاعات الاقتصاد المختلفة، والإساءة لموقع تلك الدول عالمياً، وزرع بذور الفتنة الطائفية، إضافة إلى زعزعة الثقة بين المواطن الخليجي والأجهزة الأمنية في دول المجلس. والملاحظ أيضاً أن الغالبية العظمى لتلك الأعمال الإرهابية قد تركزت في ثلاث دول هي: الكويت والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين. وقد تدرجت تلك الأعمال الإرهابية من الهجوم على رعايا ومنشآت تتبع دول غربية إلى استهداف لرموز الحكم ورجال الأمن وانتهاء بتفجير المساجد. وكان وما يزال القاسم المشترك بين معظم تلك الأعمال الإرهابية هو الدور الإيراني خلف من يقوم بها. فقد عانت دولة الكويت منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي من مختلف أنواع الإرهاب، حيث كانت البداية عام 1972 عندما تم تخريب منشآت تابعة لشركة نفط الكويت ومملوكة جزئياً للولايات المتحدة الأميركية. ثم جاء عقد الثمانينيات، حيث جرت 16 عملية تفجير تضمنت أعمالاً ضد السفارة الأميركية ومطار الكويت الدولي والسفارة الفرنسية ومجمع صناعي ومحطة كهرباء ومجمع سكني ومقاهٍ شعبية ومجمع نفط الأحمدي. ولكن الحادث الإرهابي الأبرز كان الهجوم على موكب الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله. ثم جاء عقد التسعينيات حيث ضرب الكويت 15 حادث تفجير إرهابي في مختلف المنشآت والمواقع. أما السنوات الأخيرة، فقد حملت أعمال إرهابية طالت مواقع ومساجد منها مسجد الإمام الصادق. وتزامن ذلك مع اكتشاف السلطات الأمنية خلية «حزب الله» أو خلية ?العبدلي الإرهابية ?التابعة لـ«حزب? ?الله» اللبناني. ?وبالتالي ?كان ?لدور ?إيران ?وأتباعها ?أكبر ?الأثر ?في ?ضرب ?أمن ?واستقرار ?الكويت، ?ومن ?أبرز ?هؤلاء ?الإرهابيين ?المدعو «?أبو ?مهدي ?المهندس ?جمال ?جعفر ?إبراهيم» ?المتهم ?بتفجير ?السفارتين ?الأميركية ?والفرنسية، ?والمطلوب ?للقضاءين ?الكويتي ?والأميركي، ?والذي ?يشغل ?في ?العراق ?منصب ?نائب ?رئيس ?هيئة ?قوات ?الحشد «?الإرهابي» ?والمدعوم ?من ?إيران. أما الأحداث الإرهابية التي ضربت المملكة العربية السعودية، فإن أبرزها بدأ عام 1991 بالهجوم على مدنيين وعسكريين أميركيين، ثم تفجير بعثة دبلوماسية أميركية عام 1995، وفي عام 1996 تسبب انفجار إرهابي في مدينة الخبر في مقتل 19 أميركياً وجرح 386 شخصاً من جنسيات مختلفة، ثم توالت الأعمال الإرهابية بعد ذلك لتضرب منشآت حيوية ومساجد حتى حدوث التفجير الإرهابي الأخير بجانب المسجد النبوي الشريف. وقد تزامنت تلك الحوادث مع جهود رجال الأمن السعوديين في قتل واعتقال المئات من أعضاء التنظيمات الإرهابية الذين تلقى معظمهم الدعم من إيران. وفي مملكة البحرين، شهدت الفترة من 2012 إلى الآن تصاعداً في الحوادث الإرهابية التي أدت لمقتل الأبرياء من المدنيين والعسكريين، والتي تم استخدام متفجرات فيها من نفس نوع المتفجرات التي تم الكشف عنها خلال عملية إحباط تهريب مواد متفجرة وأسلحة لها علاقة بإيران. أضف لذلك ضبط خلايا إرهابية مرتبطة بإيران، بجانب حدوث أعمال إرهابية بالقرب من قرى تقطنها أغلبية شيعية قامت بها عناصر تدعمها إيران. يتضح من هذا كله مدى الحاجة لاستراتيجية موحدة تواجه التطرف والفتنة الطائفية التي تنشرها إيران في المنطقة، وللقضاء أيضاً على تلك الخطة المنهجية التي تهدف لضرب استقرار دول مجلس التعاون الخليجي.