انعقد في العاصمة الفرنسية باريس أول أمس السبت، التاسع من يوليو، مؤتمر المعارضة الإيرانية بمشاركة عشرات الآلاف من المعارضين الإيرانيين وأصدقاء الشعب الإيراني من ساسة ومفكرين ومختصين من شتى دول العالم ومن الدول العربية. هذا المؤتمر غير مسبوقٍ من حيث عدد المشاركين من جمعيات وتيارات إيرانية، وكذلك من حيث ضخامة الترتيبات، وتعدد الندوات وورش العمل، وهو مؤتمر حظي بتغطية إعلامية مكثفةٍ، وهو علّق الجرس حول العالم للإشارة للظلم البشع الذي يتعرض له الشعب الإيراني من قبل نظامٍ أوثق علاقاته هي العلاقة بميليشيات القتل وتنظيمات الإرهاب. ربما لا يكون لهذا المؤتمر تأثيرٌ فعليٌ على الداخل الإيراني اليوم، ولكن تصعيد الفعاليات الخارجية على شاكلة هذا المؤتمر تعيد شيئاً من الأمل لمضطهدي الشعب الإيراني في الداخل، وتعيد التعريف على المستوى الدولي بطبيعة هذا النظام وطرائق عدوانه على شعبه وتدخلاته المعادية في شؤون دول الجوار في المنطقة. هذا النظام هو نظام فارسي طامح لاستعادة أمجاد الفرس وإحياء إمبراطوريتهم القديمة، وهو بهذا يهدف لبسط السيطرة والنفوذ والهيمنة على العديد من دول المنطقة، وهو يتوسل لذلك استخدام الطائفية كسلاح سياسيٍ ويزعم تمثيل المذهب الشيعي حول العالم، ويدعم ميليشياتٍ شيعية وحركات فوضويةٍ وتنظيمات إرهابية. فارسيةٌ النظام في التعامل والطموح والرؤية تجبره على اضطهاد جميع المكونات الإثنية والعرقية التي تشكل فسيفساء الشعب الإيراني من كردٍ وآذريين وبلوش وعرب، كما أن طائفيته الفاقعة والجديدة في صياغتها وشكلها وهدفها على المذهب الشيعي، جعلته يعادي كل مكونات الشعب الإيراني الدينية والطائفية والمذهبية، فيهود إيران ومسيحيوه، وشتى الفرق الإسلامية في إيران يتعرضون لاضطهاد دائم، وعلى رأس هؤلاء السُنة في إيران، فمظالم السُنة في إيران أشهر من أن تذكر وأكثر من أن تحصى. للشعب الإيراني حضارة وفنون وتاريخ متعدد ومتنوع، ولكن النظام الحالي سعى لاختصار ذلك كله فيما يمكن أن يخدمه في مشروعه السياسي للتوسع وفرض الهيمنة فقط، وقد ملّ هذا الشعب من المغامرات السياسية والعسكرية التي تستنزف موارد بلاده في معارك لا ناقة له فيها ولا جمل، وقد صرفت المليارات على حرب الخليج الأولى في محاربة العراق زمن الخميني، وصرفت المليارات على ميليشياتٍ إرهابيةٍ من كل شكلٍ ولونٍ، بدءاً بـ«حزب الله» اللبناني، مروراً بميليشياتٍ متعددةٍ في العراق ومثلها ميليشياتٍ من المرتزقة في سوريا، وليس انتهاء بحركة «الحوثي» في اليمن. كما صرف النظام ملياراتٍ من قوت الشعب الإيراني وثرواته لدعم الحركات الأصولية وحركات الإرهاب حول العالم من جماعة «الإخوان المسلمين» لحركة «حماس»، ومن تنظيم «القاعدة» لتنظيم «داعش»، وصرف مثلها لبناء خلايا التجسس ومحاولات التدخل في الشؤون الداخلية للعديد من دول المنطقة، وعلى رأسها الدول العربية ودول الخليج. ولأهدافٍ إيديولوجية وتوسعية حرم النظام شعبه من ضروريات الحياة الطبيعية للبشر، وجرّ عليهم عداواتٍ لا تحصى إقليمياً ودولياً، وبعثر أموال الشعب في مغامراتٍ غير محسوبةٍ يستمر فيها لسنواتٍ ثم يتخلى عنها، وقد طوّر النظام أجهزة الأمن ومؤسساته كماً وكيفاً لتعزيز قدرتها على قمع الشعب وإجباره على الصمت، وحارب الثقافة ودمّر الفنون، وسعى لإلغاء أي شكلٍ من أشكال التعددية، وقضى قضاء مبرماً على الحريات الفردية والاجتماعية. كان الأمير تركي الفيصل أحد المشاركين في مؤتمر المعارضة الإيرانية، وهو الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات السعودي، وتحدث بصراحة عن دعم السعودية للشعب الإيراني في استعادة حقوقه وشرح قضيته للعالم وحقه في إسقاط نظام ولاية الفقيه داعم الإرهاب وناشر الفوضى ومفقر الشعب. أخيراً، تحدثت مريم رجوي رئيسة المؤتمر عن رفضها للعمائم السوداء والبيضاء على حدٍ سواء، وعبرت عن طموحات غالبية الشعب الإيراني، وهي معركةٌ يجب أن تخاض وإن طالت الطريق.