ترشيح مشعوذ لخوض الانتخابات الرئاسية هو أوضح مؤشر على أن العفن بلغ قلب الحزب «الجمهوري»، ولا توجد مؤسسة سليمة تختار طوعاً دونالد ترامب ليقودها. والخطبة التي ألقاها «ترامب» في بنسلفانيا يوم الثلاثاء الماضي، مهاجماً العولمة والتجارة، ستضيف سبباً جديداً للذعر وسط صفوة «الجمهوريين»، لكن صعود «ترامب» طمس لفترة من الوقت المشكلات الكبيرة التي أنتجته. ومن الصعب تحقيق توازن بين المصالح المتضاربة داخل الحزب. صحيح أن لدى «الديمقراطيين» مازالت التوترات قائمة. ويواجه الحزب صراعاً بين العمال والمدافعين عن البيئة. لكن الحزب «الجمهوري» لا يتوسط في المصالح المتضاربة بين مكوناته، بل يرضح للجانب الأكثر عناداً في قضية معينة. ويجنح أكثر للعمل بطريقة بيت المقاصة بين المتعصبين. وربما يكون هذا أوضح ما يكون في سياسات المناخ، حيث يستسلم الحزب لأصحاب نظرية المؤامرة ومنكري العلم في خدمة الصناعات التي تلوث المناخ بثاني أكسيد الكربون. وفيما يتعلق بالضرائب، يقع «الجمهوريين» في أسر عصابة صغيرة بالمثل. وبعد أربعة عقود من تصاعد عدم المساواة والغضب والاستياء واسعي النطاق بين كثير من «الجمهوريين»، مازال «بول ريان» رئيس مجلس النواب يروج لتقليص كبير في الضرائب لأكثر الأميركيين ثراء كما يفعل «ترامب»، والجمهور يعارض إعطاء الأثرياء المزيد من المال، لكن الأميركيين الأثرياء يحرصون بشدة على اكتناز المزيد من المال. وخطة «ريان» للرعاية الصحية التي طال انتظارها لم تتحول قط إلى خطة فعليه. وليس هناك استعداد لخطة، بل حرص على تشويه باراك أوباما. والواقع أن «ريان» لم يقدم خطة للرعاية الصحية، لكن خريطة مبدئية لخفض الإنفاق في عبارات فضفاضة. وتحقيق هدفه في خفض كلفة الرعاية الصحية بشكل كبير يؤدي إلى تقليص إمكانية الحصول على الرعاية الصحية بشكل كبير أيضاً. وفي قضية الهجرة، هناك جناح من الحزب ممن يدعون أنهم أهل البلاد الأصليين، وهذا الجناح هو الأكثر عناداً، وحقق أكبر نجاح داخل الكونجرس. ووجد الناخبون «الجمهوريون» في «ترامب» بطلاً يحفزهم في ذلك عداء عرقي وقلق اقتصادي وثقافي واندفاع قومي. لكن «ريان» المدعوم من الشركات المؤيدة للهجرة رفض الإذعان لدعاة تقييد الهجرة. فرانسيس ويلكنسون* *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»