بات معروفاً أن عدد سكان الأرض 6 مليارات، وأن الموارد الطبيعية على الكوكب - التي أمكن حصرها حتى اليوم - تكفي لـ 8 مليارات نسمة، أي لأكثر من سكان الأرض بملياري نسمة، وعليه، فإن التزاحم على الموارد الطبيعية إلى حد الاختلاف وصناعة الحروب من أجل «احتلال» موارد أكثر لهذا الطرف أو ذاك، لا مبرر له ولا ضرورة؛ فما هو موجود من موارد يكفي البشرية ويفيض عن حاجتها، خصوصا إذا ما جرى استثمارها وتنميتها بشكل سليم واستخدام أحدث الطرق والأساليب. يرى الخبراء الاقتصاديون أن للاقتصاد العالمي دورتان زمنيتان، دورة صعود تدوم لـ7 أعوام تزدهر فيها الأحوال، ودورة هبوط تدوم لـ 5 سنوات عجاف تتأزم فيها الأوضاع. ومن المؤكد أنهم توصلوا إلى هذه المعادلة - الحقيقة بناء على عدد من المعطيات العلمية - الرياضية. وعلم رياضي كهذا استخدمه الفراعنة القدماء في مصر. لكن موضوعنا ليس اقتصاديا حتى نسهب فيه، بل هو موضوع له علاقة بسؤال مهم: هل العالم ذاهب إلى مزيد من الحروب.. هل نحن على موعد مع حروب جديدة في منطقتنا العربية؟ الجواب ومن أسف شديد: نعم. ويبدو أن للحروب دورات تشبه دورتي الاقتصاد العالمي؛ فقد توصل محللون اختصوا بدراسة ظاهرة الحروب البشرية، منذ عشرات السنين، منذ الحرب الأميركية - الإسبانية عام 1890، والحرب العثمانية في البلقان عام 1912، فالحربين العالميتين الأولى بدأت عام 1914، والثانية بدأت عام 1935، مرورا بالحرب الكورية 1950، والفيتنامية عام 1965، حتى وصول العالم إلى تنامي ظاهرة الإرهاب في عقد التسعينات صعوداً إلى عام 2010، حيث انطلقت إرهاصات ما سميَّ «الربيع العربي» في المنطقة. كل هذه الحروب والحركات جرت دراستها من حيث مكانها وتوقيتها ومعطياتها وأهدافها ونتائجها وتأثيراتها، ليخلصوا إلى أن هنالك دورات للحروب، دورة ترتفع فيها وتيرتها، وأخرى تتباطأ فيها وتتوقف. لكن على ماذا اعتمد هؤلاء المحللون في أن العالم ذاهب إلى حروب جديدة قد تتعدى عام 2020 بكثير؟ اعتمدوا على مؤشرات عدة من بينها: النشاط المحموم لشركات إنتاج السلاح في العالم، ازدياد عدد البلدان الراغبة في شراء السلاح بصفقات متنوعة وكبيرة الحجم، الرغبة المتزايدة والمستمرة لدى قوى عالمية في الحصول على موارد طبيعية جديد لضمان وتيرة التنمية والازدهار الاقتصادي، بروز قيادات سياسية جديد على المسرح العالمي، أغلبها قيادات شابة تفضل إدارة «مهام» تميل في تنفيذها إلى الحس العسكري، وليست قيادات «التوظيف الاجتماعي»، التي تُغلب العاطفة في تحقيق الأهداف بعيدة المدى. تلك القيادات تغلب العقل البراجماتي «دعه يعمل دعه يمر» على مزيج العقل والعاطفة الذي غالباً ما يحقق التفافاً اجتماعياً. لهذا كله من المتوقع أن تكون هنالك تحضيرات لحرب أو لعدة حروب متوسطة الحجم في مناطق من العالم قد تشمل العالم العربي أو «الشرق الأوسط». القادرون من ذوي المسؤولية، عليهم قدر الإمكان منع وقوع هذه الحروب المستقبلية، أو في الأقل، عدم الإسهام فيها والاحتجاج عليها، كما أن عليهم في الوقت ذاته تنمية الإرادة لحسم نتائج إيجابية للحروب التي تجري حالياً وبأسرع ما يمكن، فهي علاوة على أنها استنزاف للموارد المالية والبشرية وتعثيرها لمسارات التنمية، فإن مخلفاتها النفسية والاجتماعية لا يمكن لها إلا أن تكون خسارة مؤلمة..