بين الإرهاب النقابي في فرنسا.. والخطاب الشعبوي في أميركا لوفيغارو في صحيفة لوفيغارو انتقد الكاتب اليميني إيفان ريوفول بعبارات شديدة نقابة الاتحاد العام للعمل «سي جي تي»، التي تقود الآن الإضرابات الواسعة في فرنسا احتجاجاً على مشروع قانون العمل الجديد، وقد أدت الإضرابات إلى تعطيل حركة المواصلات وقطع إمدادات الوقود، وعرقلة عمل محطات الطاقة، وإرباك دورة الحياة اليومية لعامة الفرنسيين. وفي البداية قال الكاتب إنه مثلما أن فرنسا مهددة الآن بخطر الإرهاب الإسلاموي، فقد باتت أيضاً مهددة بخطر الإرهاب النقابي. وهذان التهديدان يقتسمان الأهداف ذاتها: تحدي النظام الاجتماعي القائم ومخاصمته وزعزعة استقراره باستخدام وسائل العنف. ولهذا فلن يعود مفاجئاً بعد الآن إن رأينا بعض أوجه هذه الأصولية الإسلاموية- اليسارية، وقد عبرت عن نفسها ضمن استراتيجية الإرباك هذه، والقطيعة مع المجتمع. والراهن أننا نرى الآن مباشرة اتحاداً عاماً للعمل يزداد راديكالية، في نوع من العودة إلى الجذور الشيوعية المؤسِّسة. فبدفع وتحريض من قائد هذه النقابة الكبرى فيليب مارتينيز، وهو ذاته ينحدر من أسرة شيوعية، باتت في احتجاجاتها تعتبر رجال الشرطة أهدافاً، وتدعو إلى محاصرة مصافي النفط ومحطات الطاقة النووية، وتحلم بإضراب عارم يشمل بل يشل عموم البلاد. ولأن هذه النقابة تمثل في الواقع أقلية وتنقصها قوة الحضور وسط الجمهور، يقول الكاتب، لذلك فهي تلجأ لسلوك منافٍ لأصول الديمقراطية وسيادة القانون. وثقافتها المستمدة من ممارسات التسلل والتخريب، واستخدام العنف الطليق، واحتجاز الرهائن، جعلتها مارقة وخارجة على القانون. والراهن أن نقابة الاتحاد العام للعمل «سي جي تي» بزعامة «مارتينيز» تبالغ في استفزاز الحكومة على أمل تزايد استخدام العنف العمومي من طرف جهات إنفاذ القانون ضدها، لكي تتسنى لها فرصة لعب دور الضحية، أمام الرأي العام. والمشكلة الأكبر، في هذا الظرف، أن الدولة نفسها في غاية الضعف، ما يجعلها تحت رحمة هذا اليسار المتطرف المثير للشقاق وذي النزعة الشمولية. وعلى رغم محاولة نظام الحكم الفرنسي إظهار نفسه في موقف الحزم والصرامة، وعدم التراجع عما ينوي إصداره من قوانين عمل، إلا أنه يواجه لحظة تحد صعبة وحقيقية. والأخطر من هذا أن أسبوعين فقط هما ما يفصلنا عن افتتاح كأس أوروبا لكرة القدم، في باريس، في وقت بات أقصى طموحات الحكومة فيه هو احتواء هجوم اليسار المتطرف. وفي الختام يقول الكاتب إن الرئيس فرانسوا أولاند إن تمكن من تلافي الوقوع في الفخ باستئصال هذا الخطر والاستمرار في دعم مشروع قانون العمل الجديد فسيخرج من هذه المشكلة بموقف سياسي معزز. وأما إن أخفق، فستكون الاستقالة هي أشرف طرق الخروج من السلطة. لوموند نشرت صحيفة لوموند افتتاحية بعنوان: «بريكسيت: وماذا لو بقي البريطانيون؟»، قالت في بدايتها إن المشروع الأوروبي يعيش حالة سقوط لا نهاية لها منذ اندلاع الأزمة المالية في سنة 2008، ولا يبدو أن أوروبا ستتجنب من التحديات ما هو أسوأ في المدى المنظور. وهذه الأيام خلال قمة مجموعة السبع في اليابان، جددت المجموعة التحذير مرة أخرى من المخاطر الجسيمة التي يمكن أن تترتب على خروج محتمل لبريطانيا من الاتحاد، إن كسب هذا الرهان في الاستفتاء المزمع إجراؤه في المملكة المتحدة في 23 يونيو المقبل. ومع أن شهراً ما زال يفصلنا عن موعد ذلك الاستفتاء المصيري، إلا أن ثمة مؤشرات إيجابية عديدة حول احتمال تفضيل أغلبية البريطانيين خيار البقاء داخل البيت الأوروبي. وإذا صدقت توقعات استطلاعات الرأي، على رغم ضرورة التعامل معها بقدر من الحذر، فهنالك أغلبية مؤيدة للبقاء في أوروبا. بل إن نسبة هؤلاء المؤيدين تصل في بعض الاستطلاعات إلى 81% وتفسير ذلك يكمن في حركية وحيوية حملة المعسكر المؤيد للبقاء في الاتحاد. وفي المقدمة من ذلك طبعاً رئيس الوزراء ديفيد كاميرون. ومن حسن الحظ أن المؤيدين هم من يضعون في الأساس قواعد اللعبة، ويرسمون أجندة الاستفتاء. والسيناريو الجاري هناك الآن هو على العكس تماماً مما وقع في فرنسا في عام 2005 في الاستفتاء على الدستور الأوروبي. فرهان حملة البقاء في أوروبا يحمل في طياته دوافع انجذاب الجمهور إليه بفعل المزايا الاقتصادية الملموسة، بعكس حملة دعاة «نعم» في استفتاء فرنسا المذكور، حيث كانوا يجهدون في حملة ضد دعاة «لا»، الذين كانوا يستندون على نوازع سياسية واقتصادية ومعيشية جذابة للجمهور حينها، ولا تخدم حملة أنصار الدستور الأوروبي. ولذلك فإن من المحتمل جداً أن تكسب حملة البقاء في أوروبا الرهان في الاستفتاء المرتقب، لتبقى المملكة المتحدة عضواً في الاتحاد الأوروبي. ليبراسيون الكاتب «أولفييه بوستل- فيناي» نشر مقالاً في صحيفة ليبراسيون تحت عنوان: «مِن الدماغوجية في أميركا» تحدث فيه عن بعض الديباجات السياسية الرائجة الآن في حملة المتنافسين على انتزاع بطاقة ترشيح الحزبين الكبيرين في الولايات المتحدة للانتخابات الرئاسية المقررة في آخر هذا العام. وقال الكاتب إنه في وقت بات بعض استطلاعات الرأي يقدم المترشح الجمهوري دونالد ترامب باعتباره فائزاً سلفاً، وجدت المترشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون نفسها وهي تواجه تحدياً متفاقماً من منافسها الديمقراطي بيرني ساندرز. ومثلما تجرع كثير من الجمهوريين إحباطاً قاسياً بإخفاقهم في وقف تقدم مترشح حزبهم ترامب الشعبوي والمثير للجدل وغير المرغوب فيه، جاء الآن أيضاً الدور على الديمقراطيين ليتجرعوا هم كذلك إحباط تجنب مزيد من الاستقطاب داخل حزبهم، ووقف تقدم المترشح الديمقراطي اليساري ساندرز. وفي كلا المعسكرين الحزبيين، اليساري واليميني، باتت ثمة قناعة مترسخة مؤداها أن الديمقراطية الأميركية تواجه اليوم مصاعب ومتاعب متنامية وهي تدور في حلقة مفرغة. والمعركة الآن تدور حول كيفية استمالة قلوب وعقول الطبقة الوسطى والطبقة العاملة، ولذلك فإن عنوان اللحظة الراهنة هو ترداد الخطاب الشعبوي الديماغوجي، ومحاولات كل مترشح تسويق نفسه لهذه الشرائح العريضة من الناخبين. إعداد: حسن ولد المختار