في كتابه «دور منظمة التعاون الإسلامي في تسوية نزاع قرة باغ الجبلية»، يستعرض كمال قاسيموف، الباحث الأذربيجاني المتخصص في دراسة الحركات الاجتماعية الإسلامية والفكر الإسلامي المعاصر، العلاقات بين أذربيجان ومنظمة التعاون الإسلامي، وموقف المنظمة حيال نزاع «ناجورني قرة باغ» (قرة باغ الجبلية)، والسياسة الأذربيجانية تجاه منظمة التعاون الإسلامي، وينبه المؤلف إلى أنه ينبغي النظر لسياسة أذربيجان حيال منظمة التعاون الإسلامي في إطار الأبعاد الأساسية لسياستها الخارجية ككل، هذه السياسة التي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالموقع الجيوسياسي لأذربيجان في منطقة القوقاز منذ استقلالها عن الاتحاد السوفييتي عام 1991، حيث حاولت انتهاج أسلوب متوازن تمثل في أخذ مصالح وسياسات روسيا وإيران والولايات المتحدة بالاعتبار، والسعي لتحاشي أي ضغط من قبل هذه القوى، بل توطيد العلاقات بها. وقد تجنبت أذربيجان الانضمام الكامل إلى المنظمات والتحالفات السياسية أو العسكرية الإقليمية والدولية، خلافاً لجارتيها جورجيا وأرمينيا، حيث اتجهت الأولى نحو عضوية «الناتو» والاتحاد الأوروبي، والثانية إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي والاتحاد الاقتصادي الأوراسي اللتين تقودهما روسيا. ومع ذلك، يقول المؤلف، فقد جعلت أذربيجان التعاون مع الاتحاد الأوروبي وبقية المؤسسات الغربية واحدة من الأولويات الرئيسية لسياستها الخارجية، وكان إنشاء خطي الأنابيب «باكو -تبليسي -جيهان» و«باكو -تبليسي -أرضوم»، وممر «تراسيكا»، نتيجةَ سياسة الطاقة الناجحة التي تمارسها أذربيجان بالتعاون مع تركيا والاتحاد الأوروبي، وظلت إحدى المهمات الرئيسية لسياسة أذربيجان الخارجية هي نزاع «قرة باغ»، والذي يفصِّل الكتاب في جذوره ومراحل نشوبه، ففي أوائل التسعينيات أدى فراغ السلطة عقب تفكك الاتحاد السوفييتي إلى اندلاع صراعات مسلحة داخل وبين الجمهوريات السوفييتية السابقة، ومنها ذلك الذي نشب بين أذربيجان وأرمينيا على «قرة باغ»، حيث أسفرت الحرب عن احتلال 20? من الأراضي الأذربيجانية المعترف بها دولياً، وتدفق أكثر من مليون لاجئ ومشرد داخلياً. ويلخص المؤلف رؤية أذربيجان لتسوية النزاع في أربعة مطالب: انسحاب القوات الأرمينية من «الأراضي الأذربيجانية المحتلة»، وعودة اللاجئين والمشردين إليها، وتهيئة الظروف لإعادة النمو الاجتماعي والاقتصادي في «قرة باغ»، وإيجاد إطار قانوني ديموقراطي لضمان التعايش بين المكونين الأذري والأمني في الإقليم. لكن رغم القرارات الدولية الصادرة بشأن النزاع، فإن طرفيه لم يصلا إلى حل حتى الآن، بل جاءت أزمة أوكرانيا منذ عامين لتؤكد عدم وجود سياسة غربية منضبطة حيال أزمات المنطقة، وهو ما أكدته أذربيجان مراراً، حيث لاحظت تجاهلاً وعدم رغبة من الغرب في الضغط على أرمينيا، ومن هنا يعتقد المؤلف بأهمية دور منظمة كبيرة وذات خبرة مثل منظمة التعاون الإسلامي التي انضمت إليها أذربيجان عام 1991، وكانت أول جمهورية سوفييتية سابقة اكتسبت عضوية المنظمة، وقد عملت من خلالها على إعادة توطيد علاقاتها بالعالم الإسلامي، وأصدرت المنظمة منذ عام 1993 عدة قرارات حول النزاع دانت فيها «عدوان أرمينيا على أذربيجان»، كما طالبت بتقديم المساعدات الاقتصادية والإنسانية إلى أذربيجان لاحتضانها مليون نازح من مواطنيها تشردوا نتيجة ذلك «العدوان». وأخيراً يعتقد المؤلف أن منظمة التعاون الإسلامي أصبحت منصة مهمة لإيصال موقف أذربيجان بشأن نزاع «قرة باغ» إلى العالم الإسلامي ومنظمات المجتمع الدولي، ما يعني ضرورة استمرار التعاون بين باكو والمنظمة، إن لتسوية النزاع أو لمساعدة ضحاياه. محمد ولد المنى الكتاب: دور منظمة التعاون الإسلامي في تسوية نزاع قرة باغ الجبلية المؤلف: كمال قاسيموف الناشر: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية تاريخ النشر: 2016