تعرض آل «كلينتون» للاستهداف بسبب فضائح ملفقة من «وايت ووتر» إلى «بنغازي»، ولكن هناك أيضاً أضراراً ألحقاها بأنفسهما، مثل فضيحة «مونيكا لوينسكي» التي كان بطلها «الرئيس» بيل كلينتون، واستخدام هيلاري بريدها الإلكتروني الخاص أثناء عملها كوزيرة للخارجية، وربما يوشك الزوجان على الوقوع في شرك أزمة أخرى هي: «مؤسسة كلينتون»، التي قامت بأعمال خيرية استثنائية خلال الأعوام الـ15 الماضية، والتي ستمثل تعارضاً في المصالح حال أصبحت رئيسة، وربما تمثل مشكلة كبيرة لها الآن كمرشحة. وقد أشارت هيلاري إلى أنه حال انتخابها، فإن «المؤسسة»، التي تجمع مساهمات من الأثرياء المهتمين، ومنهم حكومات غربية، ستواصل عملها الأساسي كما هي، وأضافت في مارس الماضي، في إجابة على سؤال حول ما إذا كانت هناك أية مخاوف أخلاقية بشأن استمرار عمل «المؤسسة»: «إن الإنجازات التي تم تحقيقها كانت استثنائية، وتكمن الإجابة في الشفافية». بيد أن خبراء «الأخلاقيات» يرفضون ذلك، ويقولون إنه لن تكون هناك أية طريقة لتفادي ظهور تعارض المصالح إذا فازت بالرئاسة. وذكر «ستيفن جيلرز»، خبير الأخلاقيات القانونية لدى «كلية الحقوق» بجامعة «نيويورك»، أنه «إذا سعى (بيل كلينتون) للحصول على مبالغ كبيرة من الأموال من متبرعين لديهم اهتمام بالسياسة الأميركية، فسيحق للشعب التساؤل حول ما إذا كانت الهبات من شأنها أن تؤثر على السياسة الخارجية الأميركية». وأضاف «جيلرز»: «إن القواعد الأخلاقية لا تحول دون السلوك السيئ فحسب، ولكن أيضاً دون زعزعة ثقة الشعب في سلامة الاختيارات الحكومية»، لكنه أبدى أيضاً انفتاحه على فكرة أن تدير «تشيلسي» سليلة «آل كلينتون» المؤسسة. ورغم ذلك، يرى آخرون أن أي صلة ستكون غير مقبولة، ويؤكد «جويل فليشمان»، خبير المؤسسات الخيرية، أنه سيكون على آل كلينتون قطع علاقتهم تماماً بالمؤسسة، ووضعها في أيدي أمناء مستقلين. واعتبر «فليشمان»، الذي أدار مؤسسة خيرية من قبل، وألف كتاباً عن الأعمال الخيرية، أنه يتعين عليهما اختيار رئيس لـ«المؤسسة» يتسم بالنزاهة، ويتركونه كي يشق طريقه في جمع الأموال. وجمعت «مؤسسة كلينتون» وفروعها المختلفة زهاء ملياري دولار من أفراد ومؤسسات ثرية، خصوصاً «وول ستريت»، والحكومات الأجنبية، ونالت أعمالها إعجاباً واسع النطاق. ومن بين أبرز مبادرات «المؤسسة» توفير الرعاية للمحتاجين في الدول النامية، لاسيما في أفريقيا، ومحاربة فيروس «إتش آي في» المسبب لمرض نقص المناعة المكتسبة «الإيدز»، والملاريا، وقد تم التفاوض مع الشركات الدوائية من أجل تخفيض أسعار العقاقير والأدوات التشخيصية. ولديها أيضاً برامج خاصة بالأمن الغذائي والمائي والتغير المناخي، وعززت هذه الجهود مشاركة المتطوعين والمواطنين. بيد أن ذلك، لم يمض من دون جدال، فبعض المتبرعين كانوا من «الباحثين عن نفوذ»، ومن بينهم رجل أعمال كندي، اتهمه المنتقدون بالسعي إلى تعزيز علاقاته بآل كلينتون من أجل جني ثمار تجارية مع أنظمة ديكتاتورية، وأنشأت «المؤسسة» أيضاً فرعاً كندياً تفادى بفاعلية بعض شروط الإفصاح. وأثار مقال منشور في صحيفة «وول ستريت جورنال» الشهر الجاري أسئلة بشأن الالتزام المالي الذي قدمته «المؤسسة» لشركة ربحية يديرها أصدقاء مقربون مرتبطون بالسياسة. وبعض هذه القضايا ظهر أثناء عمل هيلاري كلينتون كوزيرة للخارجية. ولكنها تمثل الآن مشكلة أكبر كونها مرشحة رئاسية متصدرة، وسيكون الأمر حرجاً إذا نجحت في الوصول إلى البيت الأبيض، ويبدو أن الصواب هو اتباع نصيحة «فليشمان» بالانفصال تماماً عن المؤسسة واختيار رئيس نزيه. *محلل سياسي أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»