تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن هناك أكثر من 15,000 مواطن في دولة الإمارات العربية المتحدة حديثي التخرج يدخلون إلى سوق العمل كل عام. وتلعب العديد من الجهات في الدولة دوراً حيوياً في تأهيل وإعداد المواطنين لسوق العمل تماشياً مع رؤية القيادة في التحول لعصر اقتصاد المعرفة. فمن ناحية، تقوم مؤسسات التعليم العالي الحكومية بجهود ضخمة في إكساب الخريجين المهارات والمعارف الضرورية لسوق العمل. وتأتي جامعة الإمارات العربية المتحدة في مقدمة مؤسسات التعليم العالي التي تخرج فيها أكثر من 57 ألف خريج منذ تأسيسها، وجامعة زايد التي تطرح برامجها الأكاديمية لأكثر من 10000 طالب وطالبة، وكليات التقنية العليا التي تخرج فيها أكثر من 60000 خريج وخريجة منذ تأسيسها. وتقوم تلك الصروح الأكاديمية بتزويد المواطنين بعشرات التخصصات العلمية، إضافة إلى تطوير قدراتهم في التفكير المنطقي وحل المشكلات واللغة الإنجليزية ومهارات التواصل وأخلاقيات العمل، وغيرها من المهارات التي يحتاجها العديد من قطاعات سوق العمل. ثم تأتي هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية الوطنية «تنمية» التي تأسست في عام 1999 والتي تركز على تسخير الموارد البشرية المواطنة في القطاعين الحكومي والخاص، إضافة إلى العمل على تخفيض نسبة العمالة الأجنبية في سوق العمل. كما تقوم «تنمية» بمساعدة المواطنين الباحثين عن عمل بتطوير قدراتهم ومهاراتهم من خلال إشراكهم في برامج تدريبية مكثفة وتخصصية تتناسب واحتياجات سوق العمل. وتقوم «تنمية» في هذا الإطار بطرح تلك البرامج التدريبية للباحثين عن عمل، إضافة للذين يلتحقون بالوظيفة، ويحتاجون لتقوية مهاراتهم المهنية لكي يستطيعوا القيام بأعبائهم الوظيفية. كما توفر «تنمية» فرصة التوجيه والإرشاد المهني للمواطنين، سواء الملتحقين حديثاً بالوظيفة أو الذين على رأس عملهم، وذلك من خلال مساعدتهم في توجيه وتخطيط مسارهم الوظيفي بناء على أهدافهم وطموحهم المهني. كما تساعدهم «تنمية» في التأقلم مع التغييرات والتطورات التي قد تواجههم في حياتهم الوظيفية، والتي قد تكون عائقاً أمام استمرارهم في سوق العمل. ويعمل بجانب «تنمية» العديد من الجهات الحكومية المحلية التي تسهم أيضاً في جهود التوطين، ومنها «هيئة الموارد البشرية» في أبوظبي، والتي حلت محل «مجلس أبوظبي للتوطين»، وبرنامج الإمارات لتطوير الكوادر الوطنية في دبي. وتركز تلك الجهات كافة، سواء على المستوى الوطني أو المحلي، على توفير فرص العمل للمواطنين، وتطوير مهاراتهم وقدراتهم العملية لكي يصبحوا قادرين على القيام بأعباء مهامهم الوظيفية. وهناك دور آخر مهم ومتواصل تقوم به الجهات الحكومية وشبه الحكومية والتعليمية، ويتمثل في تنظيم العديد من معارض التوظيف التي يتم من خلالها توفير الفرصة للمواطنين الباحثين عن عمل الالتقاء بأصحاب الأعمال، سواء من القطاع الحكومي أو الخاص أو المصرفي وغيره. ومن أبرز تلك المعارض معرض «توظيف أبوظبي»، «معرض نجاح»، «معرض العين للتوظيف»، «معرض الغربية للوظائف»، المعرض السنوي للتدريب والتوظيف بجامعة زايد، ومعرض الإمارات للتوظيف الذي قام ما يناهز 33000 مواطن ومواطنة خلال السنوات الماضية بملأ طلبات توظيف من خلاله. أضف إلى ذلك المعرض الوطني للتوظيف في الشارقة ومعرض رأس الخيمة للتعليم والتدريب والتوظيف وغيرهم من المعارض. وتقوم تلك المعارض بدور مهم وحيوي يتمثل في إتاحة الفرصة للمواطن والمواطنة الباحثين عن عمل الالتقاء مباشرة بالعديد من ممثلي الموارد البشرية في الجهات الحكومية الوطنية والمحلية بجانب القطاع الصناعي والمصرفي والخاص ومعرفة ظروف العمل هناك والامتيازات الوظيفية المتوافرة. والمحصلة أمامنا هي أن التوطين ليس شعارات تعلن وسياسات تٌكتب ووعود تٌطلق، وإنما هو برنامج وطني متكامل لا تألو فيه جميع الجهات على مستوى الدولة جهداً لتوفير سبل المساعدة للمواطنين كافة، ليس فقط للبحث عن وظيفة مناسبة، وإنما التوظيف والاستمرار والتميز في تلك الوظيفة.