عندما يُقدم القارئ على مطالعة مقال في صحيفة ما، هل يكترث أحد للتأكد من أن كل المعلومات الواردة فيه حقيقية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فمن يمكن أن يقنعك بأنها حقيقية أو لا؟ هل هو صديق؟ أو موقع إلكتروني محايد؟ أو شخص في السلطة؟ إذا كنت غير متأكد، فمرحباً بك في عالم تدقيق الحقائق. وخلال السنوات الماضية، بينما أصبح من السهل نشر المعلومات المضللة ونظريات المؤامرة على شبكة الإنترنت، ازدهرت في المقابل مواقع محايدة للتأكد من الحقائق السياسية. وأنشأت صحيفة «واشنطن بوست» نفسها موقعاً خاصاً معروفاً باسم «فاكت تشيكر» أو «مدقق الحقائق»، أداره «جلين كيسلر»، الذي حصل على أربع جوائز «بينوكيوس» بسبب الكشف عن تصريحات مشبوهة من سياسيين ينتمون لكلا الحزبين الرئيسين في الولايات المتحدة، استناداً إلى مستوى فظاعتها، ومن المواقع الأخرى «بولتيكال فاكت دوت كوم»، و«فول فاكت دوت أورج» في أوكرانيا. وهذه المنظمات كافة أحرزت نجاحات حقيقية. ولعب موقع «تشكادو» دوراً كبيراً في الانتخابات الأرجنتينية الأخيرة. وساعد «ستوبفيك» الأوكرانيين وغيرهم على فهم درجة تلاعب الإعلام الروسي في دولتهم. ورغم ذلك، ثمة حدود لما يمكن أن تحققه مواقع التأكد من الحقائق. فهؤلاء الذين حاولوا قياس تأثير مثل هذه المواقع وجدوا أن هناك أنواعاً كثيرة من المتلقين، وتؤثر هذه المواقع عليهم بصورة مختلفة. وجميع الناس من المرجح أن يؤمنوا بـ«الحقائق» التي تؤكد آراءهم الموجودة أساساً، ويرفضون تلك التي لا تتفق معها، ولكن هؤلاء الذين تكون لديهم آراء قوية بصورة غير معتادة، أو الذين يكونون شديدي الولاء لأحزابهم، من المستبعد أن يغيروا آراءهم، بل ومن المحتمل أن يزعموا أن جهة «تدقيق الحقائق» «منحازة»، ومن المرجح بشكل كبير أن ينشروا آراءهم بين أصدقائهم بطريقة عدوانية. وكانت هذه هي الحال دوماً، بيد أن مواقع التواصل الاجتماعي ضاعفت الظاهرة في الوقت الراهن، ففي عالم يحصل فيه كثير من الناس على معلوماتهم من أصدقائهم، لا يمكن أن تصل الحقائق المدققة إلى من يحتاجونها! يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»