«نيلسون مانديلا»، الزعيم المناهض للفصل العنصري الذي شق طريقه ليصبح أول رئيس أسود لجنوب أفريقيا وحصل على جائزة «نوبل» للسلام، قضى 27 عاماً في السجن بعد أن ألقي القبض عليه في بداية حقبة الستينيات. وعلى مدار عقود، انتشرت شائعات بأن «وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية» (سي آي إيه) لعبت دوراً مهماً في إلقاء القبض عليه، وفي نهاية الأسبوع الماضي، أثارت صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية التكهنات مرة أخرى بشأن هذا الموضوع في تقرير، نقلت فيه مزاعم شخص وصفته بأنه عميل سابق في الوكالة يدعى «دونالد ريكارد»، قال: «إنه هو من أرشد سلطات الفصل العنصري في جنوب أفريقيا إلى مكان مانديلا الذي اشتهر بالمراوغة، وهو ما أفضى إلى اعتقاله عام 1962». وزعم «ريكارد» ذلك أثناء حديثه إلى «جون إرفين»، مخرج فيلم وثائقي جديد عن الحقبة التي كان فيها مانديلا متمرداً مسلحاً. ورغم أن «ريكارد» لم يكن مرتبطاً بصورة رسمية بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، إلا أن «صنداي تايمز» أكدت أنه كان عميلاً للوكالة أثناء الفترة التي عاشها في جنوب أفريقيا بصفته دبلوماسياً. وبحسب «ريكاد»، كان «مانديلا» يتظاهر بأنه سائق تاكسي عندما تم توقيفه في «دوربان». وأوضح أن مانديلا كان أيضاً هدفاً للولايات المتحدة لأنه كان خاضعاً لنفوذ الاتحاد السوفييتي، وخشيت واشنطن أن تدخل في صراع أكبر مع موسكو، إذا انزلقت جنوب أفريقيا في حرب أهلية. ومن الواضح أن «ريكارد» لم يشعر بالندم، حيث قال: «لقد كنا نواجه مخاطر وكان لابد من مواجهتها، واستلزم ذلك توقيف مانديلا، وهذا ما فعلته». ولم تعلق الوكالة على تلك المزاعم، ومات «ريكارد» بعد أن أجرى الحوار مع «إيرفين»، لكن تلك التكهنات بضلوع الوكالة في اعتقال مانديلا قائمة منذ عقود. ورغم ذلك، كان من بين القلائل الذين أعربوا عن شكوكهم في ضلوع «سي آي إيه» في عملية الاعتقال هو مانديلا نفسه. وفي سيرته الذاتية «المسيرة الطويلة إلى الحرية»، ناقش تلك الشائعات، قائلاً: «إنه لم ير أي دليل يدعم هذه الفكرة». آدام تايلور: محلل سياسي أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»