من بين أبرز النقاط اللافتة للانتباه بشكل كبير في تقرير وزارة الدفاع الأميركية لعام 2016 بشأن قوة الجيش الصيني، هو حجم قواته الجوية، التي تناهز في الوقت الراهن 3000 طائرة. ويضع هذا الرقم الصين في المقدمة أمام أية دولة أخرى في العالم، باستثناء الولايات المتحدة وروسيا. ورغم ذلك تحمل الأرقام مزيداً من التفاصيل. ويقدر تقرير 2016 من موقع «فلايت جلوبال» المتخصص في تصنيف القوات الجوية لدول العالم، القوة الصينية بشكل عام بـ 2942 طائرة، منها 1997 طائرة لدى «سلاح الجو في جيش التحرير الشعبي الصيني»، و556 لدى قواته البرية، و409 تمتلكها القوات البحرية. وفي المقابل تقدر القوة الجوية للولايات المتحدة بـ 13.717 طائرة لدى أسلحتها الأربعة الرئيسة بما فيها قوات البحرية الأميركية (المارينز). وتبدو الأرقام الأميركية أقل كثافة في سلاح الجو، إذ يمتلك الجيش والقوات البحرية (بما في ذلك المارينز) عدداً من الطائرات يناهز ما يمتلكه سلاح الجو. وتختلف أيضاً تركيبة الأسطولين، فالولايات المتحدة لديها نحو 2200 طائرة قصيرة المدى، مقارنة بنحو 1200 لدى الصين. وتواصل بكين تشغيل أكثر من 400 طائرة من طراز «جيه -7 أس»، وهي طائرة فعالة، ولكنها لا تنافس بأية حال الأسطول الأميركي. كما أن واشنطن تتمتع بميزات أخرى ضخمة في أنواع الطائرات الأخرى. وعلى سبيل المثال، تمتلك 78 في المئة من طائرات إعادة التزود بالوقود في العالم، وهي قدرة فريدة لدولة تعتبر أن لديها مسؤوليات منقطعة النظير. وكما هي الحال بالنسبة للسفن البحرية، فإن التفوق الساحق لسلاحي الجو والبحرية الأميركية لا يهم إلا بقدر قدرة هذه القوات على نشر الطائرات في مسرح العمليات. ويوضح ذلك السبب في أن الولايات المتحدة تحتفظ بأكبر عدد من طائرات الإمداد اللوجستية، مقارنة بأي جيش آخر. فهي تحتاج إلى إنشاء ظروف تمكنها من شن أية حملة عسكرية ناجحة، حتى في مواجهة أضعف الخصوم. وبناء على ذلك، تمثل التضاريس أهمية كبيرة، ورغم أننا لا نفكر عادة في المعارك الجوية وفقاً لـ«طبيعة الأرض»، ولكن في الحقيقة تبذل معظم الحملات العسكرية الجوية جهوداً مضنية لتحديد شروط الاشتباكات من خلال بناء وتدمير «التحصينات». والواقع أن نتيجة أية حملة جوية تعتمد بشكل كبير على التحصينات الدفاعية التي تحدد شروطها. وفي سلسلة هجمات القصف الاستراتيجي أثناء الحرب العالمية الثانية، ساعدت قوات الدفاع الجوي الألمانية الوقائية المتكاملة (وفق المعايير المعاصرة) على زيادة خسائر الحلفاء، مثلما أثر بالتحكم الراداري البريطاني بقوة على نطاق المعركة أثناء معركة بريطانيا. وفي فيتنام، اعتمدت القوات الفيتنامية الشمالية على كل من صواريخ سام وأساليب المراوغة لإجبار الأميركيين على دفع تكاليف أعلى، وأثناء معركة «لاينباكر 2»، دمرت صواريخ سام التي تم استخدامها في فيتنام الشمالية أسطول القصف الاستراتيجي التابع لسلاح الجو الأميركي. وعلى النقيض، أدى النقص العام في الدفاعات الناجحة في العراق عام 1991 واليابان عام 1945 إلى تمكين القوات الأميركية وحلفائها من العمل دون مقاومة حقيقية. لذا، فإن الأكثر أهمية بكثير من حجم القوات الجوية الصينية، هو محاولة بكين تأسيس شبكة دفاعات برية تمكن الطائرات الصينية من محاربة نظيراتها الأميركية في ظل ظروف من اختيارها. وبالطبع، ستكون قدرة الولايات المتحدة على تشتيت هذه الشبكة الدفاعية (من خلال الطائرات الأسرع من الصوت، وصواريخ كروز والوسائل الأخرى) هي مفتاح النجاح الأميركي في أي صراع. روبرت فيرلي: أستاذ الدبلوماسية في كلية باترسون- لندن يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفيس»