هواجس «المستنقع العراقي».. و«لاك لا بيش» نموذج في غوث النازحين إعداد: طه حسيب «لوس أنجلوس تايمز» تحت عنوان «تفادي المستنقع العراقي»، نشرت «لوس أنجلوس تايمز» الأحد الماضي افتتاحية، استهلتها بالقول إنه قبل خمس سنوات، وتحديداً في 21 أكتوبر 2011، أدلى باراك أوباما بخطاب اعترف خلاله بأن القوات الأميركية ستغادر العراق في القريب العاجل، وأن موجة الحرب تنحسر. لم يكن أوباما يتوقع آنذاك أن تنظيم «داعش» الإرهابي- الذي يعد فرعاً من فروع تنظيم «القاعدة»- سيسيطر على مساحة كبيرة من العراق وسوريا، وقد ينسق من هناك لهجمات إرهابية تستهدف الغرب. وفي 2014 وعد الرئيس الأميركي بالحد من قدرات «داعش» وتدميره، لكن دون التورط في حرب برية أخرى في العراق. أوباما- حسب الصحيفة- لايزال ملتزماً ما وعد به، لكن مؤشرات الانغماس في مهمة عسكرية في العراق تتضاعف، حيث يرابط الآن قرابة 4000 جندي أميركي في العراق، وهؤلاء يساهمون - وفق التصريحات الأميركية الرسمية- في تدريب القوات العراقية وتقديم الاستشارات اللازمة لها، لكن بطريقة تلحق الضرر بالجنود الأميركيين، على سبيل المثال عندما لقي أحد عناصر «المارينز» مصرعه خلال عملية لإنقاذ بعض الأكراد والمسيحيين قرب الموصل، صرّح وزير الدفاع الأميركي أنه قضى في عملية قتالية. وتتوقع الصحيفة سقوط المزيد من القتلى في صفوف القوات الأميركية بسبب الهجمات المرتدة التي تشنها هذه القوات، لطرد تنظيم «داعش» من المناطق التي احتلها، ضمن حملة أميركية حققت بعض الإنجازات، لكنها تواجه تحديات جمة. صحيح أن الخسائر الأميركية محدودة، لكن تاريخ التدخل العسكري الأميركي في الشرق الأوسط ومناطق أخرى، خاصة فيتنام، تثير مخاوف مفادها أن الولايات المتحدة أشبه بمن يسير على «منحدر زلق» قد يجعلها تنخرط في التزام طويل الأجل يرفضه أوباما. وثمة طريقة لتهدئة المخاوف وكبح جماح أوباما ومن سيأتي بعده، ألا وهي قيام الكونجرس بإصدار تفويض باستخدام القوة العسكرية ضد «داعش»، وهو تفويض سبق أن استخدمه جورج بوش الابن في حربه ضد «القاعدة» بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 وفي غزوه العراق العام 2003. أوباما قرر استخدام هذا التفويض مدة 3 سنوات، كي لا يتكرر الانخراط الأميركي في العراق وأفغانستان، لكن قد تمتد المهام الأميركية على نطاق واسع، رغم أنها مؤقتة ودفاعية، وذلك يتطلب من الكونجرس تقديم صياغة أكثر وضوحاً، بحيث يتم تحديد المهام الأميركية في العراق، ومن ثم تقييدها. «كريستيان ساينس مونيتور» خصصت «كريستيان ساينس مونيتور» افتتاحيتها، أول من أمس، لرصد معاناة اللاجئين، من خلال مقارنة ما تعرض له الناجون من حرائق الغابات في منطقة «فورت ماكموراي» النفطية في مقاطعة ألبيرتا الكندية بما يكابده لاجئون في مناطق أخرى من العالم. الصحيفة تقول إن حرائق ألبيرتا شردت قرابة 80 ألف نسمة، والبلدات المجاورة للمناطق التي أتت عليها الحرائق لم تترك الخوف يعوق تعاطفهم مع النازحين، وهذا في حد ذاته درس يتعين على العالم استيعابه عند التعامل مع عمليات الهجرة الضخمة التي يشهدها العالم الذي يعيش عصراً من الحراك البشري الكبير، فهناك قرابة ربع مليار نسمة من النازحين حول العالم، إما جراء الكوارث الطبيعية، أو الفقر أو لأسباب أخرى، وهؤلاء إذا تم تجميعهم في مكان واحد لأصبحوا ثالث أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، معظم النازحين من الشرق الأوسط وأفريقيا، لكن أكبر مكان في العالم يشهد تدفقاً راهناً للنازحين، يتمثل في بلدة «لاك لا بيش»، وعدد سكانها أقل من 3 آلاف نسمة، ومع ذلك استضافوا ما بين 8 إلى 12 ألف نازح، أي أن عدد سكان البلدة تضاعف ثلاث مرات بين عشية وضحاها. لم يتذرع سكان البلدة بعدم وجود ما يكفي من متطلبات الإيواء والإعاشة، ولم يوصدوا أبوابهم في وجه النازحين، بل إن عمدة «لاك لا بيش»، الذي ينحدر من أصول لبنانية دشن مراكز لاستقبالهم، ودفع سكان البلدة مشتريات النازحين من محلات البقالة، ما حدث في «لاك لا بيش» نموذج يمكن للعالم الاقتداء به لمواجهة أزمة لاجئين تعد الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية. الغريب أن كثيراً من الدول مثل تركيا بدأت تئن من عبء استضافة اللاجئين، وكينيا أعلنت أنها لم تعد قادرة على استضافة 600 ألف لاحئ، والمشهد السياسي في الولايات المتحدة وأوروبا تتمحور سجالاته حول الطريقة المثلى لغلق الحدود أمام الفارين من الحروب والاضطهاد. «نيويورك تايمز» في افتتاحيتها ليوم أمس، وتحت عنوان «دوامة فنزويلا»، شنت «نيويورك تايمز» هجوماً على الرئيس الفنزويلي «نيكولاس مادور»، فبعد أن حظيت الدعوات الرامية إلى إجراء استفتاء للبت في مصير «مادورو»، وما إذا كان سيبقى في منصبه أم لا، اتجهت حكومته إلى القمع، وأعلن «مادورو» فرض حالة الطوارئ في البلاد لمدة شهرين، مشيراً إلى أن من الضروري سحق ما وصفة بـ«انقلاب»، والتصدي كذلك لكل ما يهدد البلاد داخلياً وخارجياً. الصحيفة ترى التهديدات التي يتعين على الفنزويليين مواجهتها ليست نتيجة مؤامرات خارجية أو داخلية، لكن السبب يكمن في الإدارة الحالية للبلاد، حيث يتدهور النظام الصحي بسبب نقص الأدوية وشح التجهيزات الطبية داخل المستشفيات. العنف تفاقم في البلاد، لأن العصابات المسلحة الموالية للحكومة تجوب الشوارع، ناهيك عن استمرار شح المواد الغذائية ونقص السلع الأساسية، وخلال الشهور الثلاثة الأولى من العام الجاري، وصل عدد ضحايا جرائم القتل قرابة 4696 شخصاً، وفي العام الماضي سقط 17700 شخص في جرائم قتل، وتلك أرقام مرتفعة، خاصة إذا علمنا أن عدد المدنيين الذين لقوا مصرعهم في أفغانستان خلال الشهور الثلاثة الأولى من 2016 بلغ 3545 شخصاً. ولايزال المعتقلون السياسيون خلف القضبان، كضحايا للفساد في ظل نظام قضائي منهار.الأزمة في فنزويلا كشفت وعوداً جوفاء لطالما أطلقها ساسة اشتراكيون كـ«مادورو» وسلفه «شافيز» منذ تسعينيات القرن الماضي. صحيح أن كثيراً من الفنزويليين ذاقوا طعم الرخاء والمنازل الفارهة والأجور العالية بسبب أسعار النفط المرتفعة، علماً أن الخام يشكل 95 في المئة من صادرات البلاد، لكن الحكومة الفنزويلية فشلت في تدشين اقتصاد مستدام أو القيام بالادخار، الذي كان في مقدوره تخفيف وطأة الركود الذي ضرب البلاد منذ العام 2014. إعداد: طه حسيب