أعلم أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن دونالد ترامب لا يمكنه الفوز في انتخابات نوفمبر. لكن ماذا لو كنا ننظر إلى السؤال الخطأ في استطلاعات الرأي؟ ماذا لو كانت الاتجاهات السلبية الكاسحة تجاه «ترامب» غير مهمة؟ أو بعبارة أخرى ماذا لو كانت الاتجاهات السلبية في البلاد مهمة بشكل أكبر؟ وفي الوقت الحالي ما بين ستة وعشرة في المئة لديهم وجهة نظر غير مؤيدة لـ«ترامب» و36 في المئة فقط ينظرون إليه نظرة إيجابية. لكن على مستوى البلاد فإن التوجهات أسوأ. وفي أحدث متوسط لاستطلاعات الرأي قام بإحصائه موقع «ريال كلير بوليتكس»، الذي يتخذ من شيكاغو مقراً له يعتقد 26.9 في المئة من الأميركيين أن البلاد تسير في الاتجاه الصحيح و64.9 في المئة يعتقدون أننا نسير في الاتجاه الخاطئ. ماذا لو اعتبر حتى الناخبون الذين يحترمون كفاءة هيلاري كلينتون بأن المرشحة «الديمقراطية» تمثل تجسيداً لأصحاب الأعمال كالمعتاد؟ وماذا لو اعتبر حتى الناخبون الذين لا يحبون تعصب «ترامب» أو تبجحه بأن ملياردير العقارات سيغير الأمور بشكل أكبر في وجهة نظرهم؟ وهؤلاء الناخبون يحدثون أنفسهم بأنه قد يكون فجاً أو غير متسق، أو ليس بحوزته معلومات كافية. وربما يهين النساء أو الأميركيين المنحدرين من أميركا اللاتينية أو الجماعات الأخرى، لكن هذا جزء من العرض فحسب. وربما لا يعني هذا على الأرجح إلا جانباً من العرض. فما ترامب إلا أحد الممثلين. والرغبة في نقل رسالة الاستياء، وبعبارة أخرى، عدم التأييد قد يقود الناخبين إلى التغاضي عن آثام «ترامب» الكثيرة أو التقليل من شأنها أو تمني عدم وجودها أو تبريرها. وفي الوقت نفسه لا تستطيع كلينتون التخلص من تفاصيل المشهد الراهن. ولعلكم تذكرون كيف أن واقع الحال هذا وضع «آل جور» في موقف لا يحسد عليه حين طلب من الناخبين أن يصوتوا لمصلحة الحزب «الديمقراطي» ليحصل على ثالث دورة رئاسية على التوالي. وجمع «جور» أسوأ ما يمكن أن يحصل عليه في وضعه كنائب للرئيس، فقد نأى بنفسه عن الرئيس بيل كلينتون وأشد أنصاره حماساً دون أن يستطيع أن يرسخ قدمه باعتباره نمطاً متفرداً تماماً. وعلى خلاف «جور»، لا تشغل هيلاري كلينتون منصباً. لكنها ليست أقل صلة بالحزب وبالمؤسسة السياسية، فقد كانت السيدة الأولى للولايات المتحدة وعضواً في مجلس الشيوخ ووزيراً لخارجية البلاد على مدار ربع قرن. صحيح أنني أعلم أن هناك عنصراً من عدم المنطقية في هذه المخاوف. كما أفهم أن ليس كل أميركي مستاء سيصوت لمصلحة «ترامب». ورغم أن ثلثي البلاد ربما يعتقدون أننا نسير على المسار الخاطئ لكن معدلات التأييد لأوباما تبلغ 51 في المئة وتتصاعد. وفي الوقت نفسه أدلى 4.7 في المئة فقط من أصحاب الحق في التصويت بأصواتهم لمصلحة «ترامب» في عملية ترشيح الحزب حتى الآن حسبما يشير تحليل لمنظمة «فيرفوت» غير الهادفة للربح المعنية بالإصلاح الانتخابي. وعدد كبير من النسبة المتبقية البالغة 95.3 في المئة بصرف النظر عن عدم سعادتهم بأداء حكومتهم سينظرون بجدية إلى المسؤولية الملقاة على عاتقهم، لذا لن يصوتوا لشخص يُعرّض ثقة ومكانة الولايات المتحدة للخطر ويدافع عن مزايا الانتشار النووي وعن التعذيب باعتباره أداة من أدوات السياسة الأميركية. و«الجمهوريون» منقسمون والاقتصاد يتحسن وتوزيع السكان يتجه إلى صالح «الديمقراطيين» بشكل متزايد. وأرجح النتائج هي أن يتحول ترشيح «ترامب» إلى فشل ذريع لـ«الجمهوريين» في الانتخابات. أتفهم كل هذا، لكن حين أسمع أشخاصاً أذكياء يناقشون أسباب عدم قدرة «ترامب» على الفوز فكل ما أستطيع أن أفكر فيه هو: أليس أنتم من أخبرنا بأنه لا يستطيع أن يحصل على 30 في المئة ثم 40 في المئة ثم 50 في المئة في الانتخابات التمهيدية «الجمهورية»؟ ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»